IMLebanon

طمأنة المقاومة!

 

 

ليس صحيحاً إلى حدّ كبير اختباء حزب الله في عمليّة انتخاب رئيس للجمهوريّة بالتّصويت بورقة بيضاء بدعوى أنّه يترك «نافذة على الحوار والتفاهم والتلاقي ما بين القوى السياسية وعدم إغلاق الباب أمام البحث في المخارج التي تؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية»، هذا كلامٌ مردود على أصحابه ببرهان سوابق التّعطيل المرتكبة بحق انتخابات الرّئاسة تحديداً وعدد السنوات والأشهر التي مُنع فيها المجلس النيابي من انتخاب رئيس إلّا الّذي فرضه حزب الله بالإكراه على كافّة الفرقاء حتّى اضطرّوا للرّضوخ والسّير به.

 

المؤكّد حتى الآن أنّ حزب الله لا يُريد رئيساً للجمهوريّة بل يريد «رئيساً صورياً» و«خادماً» لمصالح الوليّ الفقيه صاحب قرار الحرب والسّلم في لبنان وفي كلّ أرض تستهدفها إيران، لم يسبق أن شهدت انتخابات الرّئاسة سفاهة سياسيّة كالتي أوصل حزب الله الأمور إليها، فهو لا يريد لا رئيساً ولا رئاسة، هو في مرحلة انتظار طويل يترقّب ما الّذي سترسو عليه الأمور في المنطقة وبين الولايات المتحدّة الأميركيّة وإيران. وعلى هذا الحال لا يزال لبنان يراوح مكانه منذ العام 2005، جرّب حزب الله تعطيل الحكومات وجرّب الذّهاب إلى معارك داخليّة أغرقته وأفقدته هيبته، استيقن أنّ أيّ تجربة فرض الأمور بقوّة السّلاح ستودي به إلى حربٍ أهلية فيها نعاية نفوذه، وحاز الأكثريّة في المجلس النيابي في انتخابات العام 2018 وجرّب الحكم برئيس أداة فاكتشف أنّه علق في فخّ التّهديد والابتزاز. ويبقى حزب الله المستفيد الأوّل من الفراغ الدّولي الذي صرف وجهه عن لبنان وهو منشغل إلى أبعد الحدود بما هو أهمّ بكثير من هؤلاء اللبنانيّين الّذين لا يتّفقون إلّا بالعصى!

 

يُعيد حزب الله الزّمن اللبناني إلى زمن المارونيّة السياسيّة وخوفها الدّائم من التفوّق العددي للمسلمين وحاجتهم الدّائمة لطمأنتهم وإعطائهم أكثر من حقوقهم، وإن وقع الغبن على اللبنانيّين الآخرين.

 

ثمّة هراء يقحمه حزب الله في مواصفات الرئيس وانتخابات الرّئاسة، وخلاصة هذا الهراء تحديثنا عن «رئيس يشعر المقاومة بالطمأنينة والأمن والأمان، أي أنه عندما تقوم المقاومة بواجباتها ومسؤولياتها في الحفاظ على الوطن وثرواته، يجب أن يكون ظهرها محميّاً من السكاكين والخناجر والسهام التي تريد أن تطاولها»!!

 

ما هذه الخدع والبدع والأكاذيب، الحزب الّذي يمتلك ترسانة صاروخيّة قادرة على تدمير المنطقة وليس العدوّ الإسرائيلي فقط يحتاج إلى طمأنة؟! هل هناك أحد يختطف لبنان وشعبه وأمعن في طعن ظهره بالسكاكين والخناجر والسّهام أكثر من حزب الله الّذي يتّخذ من لفظ «مقاومة» ستاراً يختبئ خلفه مخادعاً به اللبنانيّين!

 

السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه: ما الذي يريده حزب الله من رئيس بالكاد عنده صلاحيّات تُستخدم فقط في العرقلة والتّعطيل؟ هل تساءل أحد ما الّذي بإمكان رئيس الجمهوريّة أن يفعله ويريده حزب الله في معركة النّفط وبشدّة، كلّ مواصفات حزب الله تختصرها مادّة واحدة في الدّستور اللبناني وعين الحزب «تبحلق» فيها تحت عناوين مختلفة، لا يزال بإمكان رئيس الجمهوريّة بالنصّ الدّستوري أن»يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة. ولا تصبح مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء، وتطلع الحكومة مجلس النواب عليها حينما تمكنها من ذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة [المادة 52- معدلة وفقاً للقانون الدستوري تاريخ 17/10/1927 والقانون الدستوري تاريخ 9/11/1943، والقانون الدستوري 18 تاريخ 21/9/1990].

 

عقد المعاهدات الدولية وإبرامها «مع إيران» بالاتفاق مع رئيس الحكومة، هذا فقط ما يريده حزب الله من الرئيس الجديد ونقطة على سطر النّفط وأشياء أخرى بضمّ أو فتح همزتها لم يعد الأمر مهمّاً!