تكاثرت، في الآونة الأخيرة، النظريات والآراء التي تقول إن انتخاب رئيس الجمهورية هو مسألة لبنانية وحسب. وإن لا فعلَ أو تأثيراً للخارج فيها. وهو كلام نتمنى لو أنه يصيب الحقيقة، فنحن نأمل ونتشوّق بل ونحلم بأن يكون إنتاج رئيس الجمهورية صناعة لبنانية مئة في المئة، إلا أن البون شاسعٌ جداً، بين ما نأمل ونتمنى ونرجو ونريد وبين الواقع، لاسيما أن هكذا طاقماً سياسياً (مأزوماً بذاته ومتسبّباً بأزمات لبنان وبتفاقمها كذلك) هو المطلوب منه، عبر النواب، أن يوصل الرئيس الجديد إلى قصر بعبدا.
وكما لفتني كلام أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصرالله عن أنه لا يجب انتظار الخارج في المسألة الرئاسية، كذلك لفتني كلام الرئيس نبيه بري شخصياً وحركة أمل أيضاً في الاتجاه ذاته. أما اللافت أكثر فهو كلام الدكتور سمير جعجع، أمس، الذي وجه انتقاداتٍ قاسيةً إلى من أسماهم بِـ «فريق الممانعة»، وللرئيس بري بالذات محملًا إياهم المسؤولية في عدم انتخاب رئيس الجمهورية حتى الآن، مؤكّداً على القرار الداخلي في انتخاب الرئيس، واضعاً برنامجَ عملٍ تنفيذياً، مقتبَساً من تجربة انتخاب رئيس مجلس النواب الأميركي في جلسة مفتوحة استمرت أياماً عدة، داعياً إلى الجدية والتشبه (…).
لا نشك لحظة في أن القائلين بأن انتخاب الرئيس هو قرار داخلي، مَن ذكرنا ومَن لم نذكر، يعرفون بعضُهم بعضاً معرفة دقيقة، ويعرفون مدى ارتباط معظمهم بالخارج سياسياً واقتصادياً ومالياً ومعنوياً إلخ… وليسوا في حاجة إلى مَن يذكِّرهم ببدهيات يعرفها اللبنانيون «من طقطق إلى السلام عليكم»، ويدركون، من دون أدنى شك، مدى تأثير الخارج عليهم، ويعرفون بالتأكيد الحقيقتين الأساسيتين. أولاهما أن تركيبة مجلس النواب الحالية التي لا يُعرف له رؤوس من ذيول، ولا أكثريات من أقليات… لا توفر أرضية صالحة لانتخاب الرئيس من دون تسوية، وبالتالي لو بقي «سيد نفسه»، بكُتَلِه كلها، أياماً وأسابيعَ وأشهراً وسنةً وأكثر فلن يتوصل إلى انتخاب رئيس إلّا إذا هبط الوحي، ومن الخارج!. والثانية أن حزب الله لن يُفرج عن ترشيح سليمان فرنجية إلا بعد إيصاله إلى قصر بعبدا وبانتظار أن يصبح الطريق سالكاً (…) فالباقي هوامش وتفاصيل على الأساس.