لم يعد هناك أدنى شك ان النائب جبران باسيل لن يقدم على أي تنازلات في الموضوع الرئاسي بعد مضي أيام على خطابه الذي شن فيه هجوما عنيفا غير مسبوقا على كل من قائد الجيش العماد جوزاف عون ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية فوصف الأخير بأنه الرئيس المطلوب من المنظومة السياسية متهما قائد الجيش بالفساد والتصرف بممتلكات ومخصصات الجيش.
تصعيد باسيل تخطى الخطوط الحمراء التقليدية لكنه كما تقول مصادر سياسية كان متوقعا، فحزب الله اقترب من إعلان إسم مرشحه (سليمان فرنجية) والرئيس نبيه بري بدأ البوانتاج الرئاسي مع الكتل النيابية والمستقلين ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط يتنقل بين عين التينة وبكركي او موفدا نجله النائب تيمور جنبلاط طارحا للمرة الأولى في تاريخه “جنرالا” للرئاسة الأولى وهو الرافض لوصول العسكر الى الحكم، وهذه العوامل جعلت رئيس التيار يستحضر تصعيده لأنه كما تقول المعلومات يستشعر اقتراب الخطر بأن تفلت الأمور من بين يديه رئاسيا فهو يعتبر نفسه المعبر المسيحي الأساسي لأي رئيس للجمهورية وعدا ذلك فإن باسيل كما يردد العارفون يتحسب لأي تطورات غير محسوبة قد تطرأ من مثل ان تفعل “مونة” الرئيس بري فعلها على رئيس الحزب الإشتراكي فيعيد تصويب انتيناته نحو زغرتا او يساهم بتأمين النصاب للجلسة عندما تحين الساعة الرئاسية، كما ان تصعيد باسيل ليس بعيدا عما تناهى إليه من تقدم اسم قائد الجيش خارجيا .
يرى كثيرين ان مخاصمة رئيس التيار لكل من عون وفرنجية مبنية على حسابات سياسية وخاصة، فرئيس التيار يريد ان يكون المرجعية المسيحية المقررة في الإستحقاق وإلغاء الأسماء الوازنة فسليمان فرنجية بنظر حلفائه وخصومه شخصية وطنية لا تقدم التنازلات ولا تقدم على المساومات وقائد الجيش يتمتع بثقة داخلية وخارجية نظرا لأدائه في المؤسسة العسكرية.
أما سياسيا فالواضح ان باسيل سعى لمعاقبة فرنجية على مواقفه في مرحلة العهد المعارضة للتيار ورئيس الجمهورية، عدا خشية باسيل الكبرى في التأثير الذي قد يخلفه وصول فرنجية للرئاسة على مستقبل باسيل السياسي والحزبي.
الأمر نفسه ينسحب على العماد جوزف عون الذي يطرح اسمه في المنتديات الإقليمية كمرشح توافقي مما يجعل قائد الجيش رئيسا قويا في حال وصوله الى بعبدا ورقم صعب في المعادلة الداخلية لأن قائد الجيش من المؤسسة العسكرية التي أتى منها الرئيس ميشال عون ومعلوم مدى الروابط العاطفية بين قاعدة التيار الوطني الحر والجيش مما سيؤدي حتما الى خلق حالة جديدة مؤيدة للعماد عون تشكل خطرا على شعبوية التيار الوطني الحر مستقبلا.
لهذه الاعتبارات فان مخاصمة عون وفرنجية رئاسيا لا عودة عنها وقطعت أشواطا بعيدة على ضوء التوقيت الداخلي الحساس واهتزاز تفاهم التيار وحزب الله خصوصا ان حزب الله متحمس لوصول فرنجية وليس متشددا او رافضا لوصول قائد الجيش بعد.
ومع ذلك يرى كثيرون ان خطوة باسيل لم تكن موفقة، فالحملة السياسية ضد فرنجية أزعجت حزب الله كما انعكست الحملة السياسية ضد قائد الجيش سلبيا على وضعيته السياسية والحزبية مع ظهور اعتراضات من قبل نواب في تكتل لبنان القوي على علاقة جيدة باليرزة وظهر ذلك باستقالات من التيار، إلا ان باسيل كما ينقل عن المقربين منه أبلغ عددا من قيادات التيار انه لن يتراجع عن مواقفه من ترشيح قائد الجيش ورئيس تيار المردة وما قاله عنهما مهما تطورت الاستقالات داخل التيار ومهما جرى من أحداث مؤثرة في الإستحقاق الرئاسي.