IMLebanon

“القوات” ورفض أسماء رئاسية: لا حرق والهوية إستثنائية

 

 

لم تتكشف كلّ فصول كتاب التفاهم الإيراني – السعودي في المنطقة، لا سيما عنوان الفصل اللبناني. مع ذلك، يعتبر كلّ فريق لبناني أنّ صوغ هذا العنوان سيصبّ لصالحه، بدءاً من موقع الرئاسة الأولى. ويعوّل «الثنائي الشيعي» على زيارة رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية الباريسية لفتح كوة في الجدار الرئاسي لإمرار مرشحه. لكن التجربة أثبتت أنّ «الإنجاز» في لبنان لا يمرّ في باريس، بل في واشنطن والرياض. فحتى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «جرّب» ولم تنجح مبادرته مع القادة اللبنانيين إثر انفجار 4 آب 2020. وفيما تحاول قوى الممانعة فتح صفحة رئاسية جديدة لمرشحها، عبر تقاطع مصالحها مع مشاريع الفرنسيين التجارية والسياسية في لبنان، تعتبر جهات سياسية معارضة أنّ صفحة فرنجية الرئاسية طُويت مبديةً اطمئنانها الى أنّ حظوظ فرنجية انتهت، استناداً إلى الموقف السعودي ومرحلة ما بعد الاتفاق بين الدولتين الإقليميتين المؤثرتين في لبنان الذي يلجم «الاقتحامات» الإيرانية في دول المنطقة.

 

داخلياً، يبدو أنّ الفريق الممانع يواجه حالاً من الإرباك تشمل ملفات عدة. فهو لم يتمكّن من إيصال الرئيس الذي «يحمي ظهره»، وغير قادر على عقد جلسة تشريعية، فيما لا يستطيع حلّ أي من فصول الأزمة حكومياً، ويبحث عن مخرج لـ»تطيير» الانتخابات البلدية. ولرفع مسؤولية التعطيل عنه رئاسياً، يحاول إلباس هذه التهمة إلى المعني الأول بها، أي المسيحيين. يتحجّج بأنّ الخلاف المسيحي – المسيحي هو العامل التعطيلي الأساس لإنجاز الاستحقاق الرئاسي. ويصوّب تحديداً على حزب «القوات اللبنانية»، انطلاقاً من أنّ «القوات» ترفض «كلّ شي»، فهي ترفض فرنجية وترفض الحوار الوطني أو المسيحي وترفض التوافق مع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، كذلك ترفض أسماء رئاسية مطروحة.

 

واقعياً، لا يبدّل هذا التصويب على «القوات» من مسارها الرئاسي. وهي تثبت أنّها ليست «المقفلة» على الحلول الرئاسية، بل «الثنائي الشيعي». فـ»القوات» وعلى رغم تمسّكها بمرشح المعارضة السيادية النائب ميشال معوض كرسالة تحمل المواصفات الرئاسية المطلوبة السيادية والإصلاحية، إلّا أنّها أبدت مرونة تجاه أسماء أخرى، فيما «الثنائي الشيعي» يُعلن أن لا مرشح لديه إلّا فرنجية ولا «خطة ب» رئاسية. وكشفت مبادرة رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط عن القوى المرنة رئاسياً والقوى المغلقة على أي طروحات. فـ»القوات» وافقت على اسمي قائد الجيش العماد جوزاف عون والنائب السابق صلاح حنين في حال تأمّن التوافق اللازم لوصول أي منهما إلى سدة الرئاسة الأولى. أمّا «الثنائي الشيعي» فتمسّك بمعادلة «فرنجية أو لا أحد»، معتبراً أنّ «التوافق» هو موافقة الآخرين على انتخاب فرنجية مقابل موقع رئاسة الحكومة أو مكاسب أخرى.

 

كذلك يغمز البعض من قناة «القوات» لجهة أنّها ترفض أسماء رئاسية وسطية فيما يقبل بها باسيل، ولا تشكّل استفزازاً لأي طرف. ووفق ما يُسرّب لم يحصل تقاطع بين «القوات» و»التيار» حول الأسماء التي وردت في اللائحة التي جمعها المطران أنطوان بو نجم نتيجة جولته على القادة المسيحيين. ويُروّج أنّ «القوات» ترفض إسمين مطروحين جدياً في الدوائر الخارجية والداخلية، هما الوزيران السابقان جهاد أزعور وزياد بارود، فيما يدعمهما باسيل.

 

لعبة الأسماء لا تحبّذ «القوات» الدخول فيها، لا إعلامياً ولا حتى ضمن مبادرات «رمي» الأسماء، فهي لا تؤدّي إلى أي نتيجة ما لم تكن جدية وحين ينضج موعد طرحها. فهذه العملية تضرّ بهذه الأسماء أولاً وتؤدّي إلى حرقها. لذلك، أعلنت «القوات» رفضها لفرنجية انطلاقاً من موقعه في صلب محور الممانعة ولأنّه مرشح «حزب الله». وعندما سُئلت، أبدت تأييدها لقائد الجيش، لأنّه انطلاقاً من أدائه في الموقع الذي يشغله، يقدّم المطلوب على مستوى رئاسة الجمهورية، إذا تحقّق توافق بين اللبنانيين على اسمه. وهذا مثال لتقول «القوات»: إنّنا غير مقفلين».

 

الرئيس المطلوب من «القوات»، ليس من هو على مسافة واحدة من الجميع، بل أن يكون حريصاً على تطبيق الدستور وليس مراعاة مختلف الأفرقاء. فضلاً عن أنّ الخروج من الأزمة يتطلّب مواصفات مختلفة وليس العودة إلى مقاربات تقليدية كلاسيكية، لا توصل إلى أي حلّ، وتكرار التعايش بين حكومات متناقضة ومتواجهة. وبالتالي هذه المرحلة تتطلّب مقاربة استثنائية بأسماء استثنائية.

 

خلافاً لمتطلبات المرحلة، تعتبر «القوات» أنّ «حزب الله» يريد رئيساً ممانعاً يبقي الوضع على ما هو عليه، على طريقة إميل لحود الذي على رغم حصول تحولات كبرى في عهده، من القرار 1559 إلى انتفاضة 14 آذار 2005 وخروج الجيش السوري من لبنان، لم يبدّل من تموضعه ومواقفه. فيما شروط حلّ الأزمة المالية تفرض رئيساً مختلفاً، وأبرزها: المساعدة الخليجية غير الممكنة في حال كان رئيس الجمهورية في لبنان حليفاً لإيران، وأنّ هناك فريقاً داخلياً أي المعارضة، جرّب كلّ التسويات سابقاً، وليس في وارد الدخول في تسويات جديدة مماثلة.

 

إنطلاقاً من ذلك، تؤثر «القوات» عدم الدخول في لعبة الأسماء الرئاسية التي «تُرمى» من فريق أو آخر، لا سلباً ولا إيجاباً. لكن لـ»القوات» وجهة نظر وموقف واضح من كلّ الأسماء المطروحة. وحين تتطوّر الأمور في اتجاه الحسم، ستدلي بما لديها من مواقف حول كلّ اسم، بشكل علمي انطلاقاً من معايير واضحة، وليس انطلاقاً من خلفيات شخصية. وفي الوقت المناسب يتحدّد الموقف المناسب من أي اسم، أمّا قبل ذلك فـ»للناس كراماتها» والمحطة الرئاسية ليست مباراة لتقويم الأسماء.