IMLebanon

«الطبخة» الرئاسيّة لم توضع على «النار»… ومُكوّناتها تحضّر على البارد !! طريق فرنجية الى قصر بعبدا غير «مُعبّدة»… لكنه «أقرب من أيّ يوم مضى»؟ 

 

 

عندما قرر رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية التقدم خطوة باتجاه الاعلان الرسمي عن ترشيحه للانتخابات الرئاسية من بكركي، فهو لم يقرر ذلك لانه حصل على ضمانات داخلية وخارجية بان «الطريق» باتت معبدة امام وصوله الى قصر بعبدا. لكن فرنجية الذي لا يتحرك بمعزل عن التشاور مع داعميه الرئيسيين «الثنائي الشيعي»، بات يشعر انه اقرب من اي وقت مضى لتحقيق اختراق خارجي، سينعكس حكما على المواقف المتعنة في الداخل.

 

ووفقا لمصادر سياسية مطلعة على حركة رئيس «المردة» الرئاسية، نجح في تحقيق «كسرا» للحرم الكنسي، الذي حاول البعض الباسه لبكركي تجاهه، بعد تأويل تصريحات وعظات للبطريرك، وهو سمع منه شخصيا عدم معارضة الكنيسة لأي مرشح رئاسي قادر على حمل مشروع اصلاحي ويحافظ على صلاحيات وموقع الرئاسة الاولى، وسمع كلاما واضحا بعدم وجود «فيتو» على اسمه شخصيا، باعتباره احد المرشحين الاربعة التي تبنتهم بكركي عشية الانتخابات السابقة، لكن دون ان يعني ذلك ان الصرح في صدد تبني اي ترشيح.

 

هذا الموقف يبدو اكثر من كاف لفرنجية بعد محاولات خصومه لتعريته مسيحيا، وهو يكفيه انه نجح في اعادة تظهير موقف بكركي بالوقوف على مسافة واحدة من المرشحين. وقد ردد الراعي كلمات حاسمة على مسامعه مفادها «الله يوفق اللي قادر على النجاح»…

 

هذا الحراك المدروس سيتجه تصاعديا ويبلغ ذروته في اللحظة التي سيشعر فيها فرنجية ان «الطبخة» باتت على «النار»، وهي ليست كذلك حتى الآن، بحسب تلك المصادر، بل يمكن القول انه يجري العمل على الانتهاء من مكوناتها على «البارد»، وهو سيخرج بالاعلان عن ترشحه رسميا، بعد ان يتبلغ موقفًا إيجابيًا صريحا وواضحا من المملكة العربية السعودية التي «تمون» على «مفاتيح» انتخابية في الساحة المسيحية، وهو يدرك عدم القدرة راهنا على تجاوز هذه «المعضلة»، بسبب السلبية التي تحكم موازين القوى في المجلس النيابي، كما انه ليس في صدد تكرار تجربة الرئيس ميشال عون الذي دفع عهده ثمن عدم وجود «غطاء» عربي وخليجي ، خصوصا سعودي لانتخابه.

 

ولهذا يقوم بخطوات متأنية، مدعوما بمناخ اقليمي ودولي يشجعه على المضي قدما في خيار الترشح، بعدما بات يشعر انه اقرب من اي يوم مضى من الرئاسة الاولى، حتى لو ان قطار التسوية على الساحة اللبنانية لم ينطلق بعد. فما هي هذه التطورات؟

 

دوليا، ثمة تغييرات تكتيكية واستراتيجية وأحلافاً جديدة ظهرت في الشرق الأوسط، بهدف إنتاج مرحلة جديدة في نسيج القوى في المنطقة، وتطوّر العلاقات بين الصين وإيران بشكلٍ متزايد نجح في رفع «بطاقة حمراء» في وجه هيمنة الولايات المتحدة الأميركية، المنشغلة في الحرب الأوكرانية والصراع الاستراتيجي مع الصين. في 10 آذار الماضي، وقعت إيران والسعودية اتفاقاً بعد قطع العلاقات منذ سنة 2016، بوساطة الصين التي لها مصالح اقتصادية في المنطقة. وفي الأسبوع الماضي، استقبلت الرياض وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، بعد مقاطعة طويلة لدمشق، بعدها زار وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان دمشق والتقى الرئيس بشار الاسد، في خطوة تهدف لإعادة سوريا إلى حضن الدول العربية. وعلى الضفة الاخرى، عيّنت إيران سفيراً لدى الإمارات، بعد سنوات من التوتر.

 

وفي غضون ذلك، تشكل الاشارات السعودية إلى تغيير في السياسة بخصوص محور المقاومة قلقا بالنسبة الى خصوم فرنجية في الداخل، اما في «اسرائيل» مثلا فهي مدعاة ذعر، كما يقول معهد ابحاث الامن القومي «الاسرائيلي» الذي نقل عن مسؤول في وزارة الخارجية قوله انه «بعد صراع طويل في المنطقة بين مختلف القوى، بات الآن الجميع يتحدث مع الجميع! والاكثر خطورة ان إيران نجحت في كسر محاولات عزلها، ولم تعد العقوبات مهمة، حيث تسعى عدّة دول إلى التقرب منها من أجل تقليص المخاطر».

 

أما على المستوى الأمني، وعلى عكس ما حاول ان يوحي الكثيرون من خصوم حزب الله في الداخل، بان التوتر الامني جنوبا اضر بحظوظ فرنجية الرئاسية، فان لتلك المصادر وجه نظر مختلفة تشير الى ان دولة كالسعودية ليست معنية باي ضمانات امنية تمنح لـ «اسرائيل» التي تلقّت عرضاً صغيراً من محور المقاومة، بدءاً من التخطيط والإخراج الناجح للهجوم في «مجدو»، وصولًا إلى إطلاق عشرات الصواريخ نحو أراضي فلسطين المحتلة من لبنان. فالامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الداعم الرئيسي لرئيس «تيار المردة»، كشف مدى تصدّع قوة «إسرائيل»، وهذا لا يؤثر فقط على البُعد الأمني، بل على رغبة دول في المنطقة في توسيع العلاقات مع «اسرائيل». وقد اكدت اكثر من وسيلة إعلام «إسرائيلية» بأنّ هناك شعور لدى دول خليجية، بأنّ مكانة «إسرائيل» لدى واشنطن ضعفت بعد توقيع الاتفاق الإيراني – السعودي.!

 

كل هذه الاجواء تصب في صالح فرنجية دون ان تكون حاسمة في ايصاله الى بعبدا، باقرار اكثر من مصدر متابع، لكنه لا يزال المرشح الاقوى للوصول الى هناك حتى الآن، وذلك بغياب «الفيتو» الاميركي – السعودي، وعدم وجود مرشح لديهما للقتال من اجله، وهذا سيفتح عما قريب «البازار» الرئاسي – الحكومي على مصراعيه، كي يحصل كل طرف على ما يرضيه، وهو ما يعمل عليه الفرنسيون الذين يتحركون دون ضغوط جدية من القوى الاربعة الاخرى، التي تشاركهم في اللجنة الخماسية، وباتوا على قناعة ان المسألة هي مسألة وقت لتمرير تسوية «رابح- رابح» للجميع، خصوصا ان الفريق الداعم لفرنجية منفتح على الدخول بتسوية تأخذ بعين الاعتبار موازين القوى الراهنة داخليا، بحيث لا يمكن تجاوز قدرة الآخرين على التعطيل، ولذلك يجب ارضائهم.

 

وهنا «بيت القصيد» تقول اوساط نيابية بارزة، والسؤال هو ارضاء مَن؟ فحزب الله مثلا مهتم جدا بان يغير «التيار الوطني الحر» مقاربته للامور، ويعيد النظر «بالفيتو» القاسي تجاه فرنجية كي لا يخرج من «المولد بلا حمص» اذا حصلت التسوية، لكن حتى الآن لا مؤشرات على حصول تحول في موقف «ميرنا الشالوحي». وبالنسبة لفرنجية قد يكون في مرحلة لاحقة، ارضاء «معراب» اسهل كثيرا من التوصل الى تفاهم مع النائب جبران باسيل، اقله من خلال تأمين نصاب الجلسة، لهذا فان المرشح الرئاسي الزغرتاوي في صدد التحرك باتجاه اكبر قوتين مسيحيتين قريبا، وهو سيتحرك تحت عنوان النصيحة التي ابلغها للبطريرك الراعي بضرورة ان تقرأ القوى المسيحية التطورات المتسارعة في المنطقة، وعدم الخروج من معادلات التسويات الكبرى كي لا يدفع المسيحيون الثمن مرة جديدة. فمن سيحسن هذه المرة القراءة؟ ومن ستكون حساباته خاطئة؟