كما عند كل استحقاق دستوري يواجهه لبنان، يكثّف العالم كلّه، مِن عواصمه الكبرى الى منظماته الدولية والاممية، نداءاته الى اهل الحكم، مستعجلا اياهم إتمامَها دون إبطاء بما يُساعد في التخفيف من معاناة اللبنانيين، فيما اهل الكهف اللبناني في “ميل تاني” يخوضون المعركة من اعتبارات المحاصصة وحفظ الادوار.
وفي انتظار ما ستتمخض عنه الحركة والقمم الاقليمية من نتائج وتداعيات، يقع لبنان “الناطر” على رصيفها في عين عاصفتها، غارقا في “هدوء حكومي بلا بركة” في انتظار تعيين القصر الجمهوري موعدا للرئيس المكلف، العائد من اجازة لم تكن سياسية على قدر الطموحات، رغم ان المعنيين يؤكدون انه في حال “تطراية بعبدا ” لموقفها، فانه من المستبعد جدا حدوث اي خرق ايجابي على صعيد التشكيل، بعدما وضعت معركة عض الاصابع الجميع فوق الشجرة، وبما ان الخلافات بين الطرفين لا تزال على حالها.
مصادر سياسية مقربة من ميرنا الشالوحي غمزت من قناة تحالف عين التينة – بلاتينوم، المصر على السير في نهجه وسياسته السابقة بعدم السماح للعهد بتحقيق اي انجاز حتى في اشهره الاخيرة، محملة “الثنائي المعطل” مسؤولية تضييع فرصة كبيرة ومهمة على لبنان واللبنانيين، تتعلق بملف ترسيم الحدود والمفاوضات مع صندوق النقد، وما قد يجر ذلك الى مصائب وكوارث، مؤكدة ان الرسالة التي اطلقها رئيس الحكومة من مطار رفيق الحريري ذات يوم وصلت الى المعنيين.
وتابعت المصادر بان الضغوط التي مورست من اجل تقديم بعض التسهيلات للقضاة، هدفها شل الدولة والادارات العامة، وهو ما ترجم في البيان الصادر عن رؤساء المصالح والمديريات في وزارة المالية المعنية بتأمين الواردات والصرفيات، من قرارهم باعلان الاضراب المفتوح، وهدفه “حشر” العهد وتفجير قنبلة في وجهه لخلفيات باتت معهودة.
واكدت المصادر انه يخطئ من لم يقرأ كلام “الجنرال” عن خروجه من بعبدا في اطاره الصحيح، فالرئيس ملتزم بالدستور والقانون نصا وروحا، وهو سيسلم الامانة مع نهاية الولاية ان لم يكن لخلفه، فبالتأكيد لسلطة حكومية قادرة على ادارة المرحلة القادمة التي سترسم ملامح لبنان الجديد، في ظل سقوط التسويات القادمة الى المنطقة او فشلها، لذلك “ما يتعب نفسه الرئيس ميقاتي بالتفتيش عن فتاوى دستورية لتعويم حكومته”، فالرئيس عون و”الوطني الحر” يريدان ولادة حكومة أصيلة ومكتملة المواصفات، ولا مصلحة لهما في عرقلة ولادتها، إذ يهمهما ان ينتهي العهد بتحقيق إنجازات على مستوى الملفات الحيوية.
وختمت المصادر بالقول ان محاولات “ابو مصطفى” لجمع الرئيس المكلف بقيادة حزب الله لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، آملا في الاستفادة من ذلك لاستثماره في الضغط على العهد للقبول بما لم يقبله لن تنجح، نافية في هذا الاطار حدوث اي تواصل بين ميرنا الشالوحي وحارة حريك حول الملف الحكومي.
اوساط سياسية متابعة اعتبرت ان التهديد بالاستقالة من الحكومة المستقيلة اصلا، هو من باب الضغط لاجبار الرئيس المكلف على حل من اثنين: اما الرضوخ لمطالب العهد، او الاعتذار، وفي الحالتين سيكون ذلك نتيجة “لتعليمة خارجية” تحسم الخيارات، معتبرة ان استقالة “المستقلين” ستضع رئاسة الجمهورية في موقع الضعيف والمتلكئ، ذلك انه وفقا للسوابق التاريخية يتوجب والحال تلك على رئيس الجمهورية تكليف الوزراء الموجودون في الحكومة تسيير اعمال تلك الوزارات، والا فان اعتكاف الوزراء سيعرّضهم للملاحقة القانونية، خصوصا في ظل “العين الدولية المفتوحة”.
في الانتظار، وحتى اللحظة، البلد باق في وضعية تصريف الاعمال، في انتظار تراجع ايا من الافرقاء عن شروطه. فهل تحصل المعجزة كما العادة ويخرج الدخان الابيض على حين غفلة؟