IMLebanon

تهدئة تمهيديّة لمحاولة الاتفاق على مرشح توافقي بين “الوطني الحرّ” و”القوات” 

 

 

لم يسم الوزير السابق سليمان فرنجية نفسه بعد مرشحا رسميا لرئاسة الجمهورية، لكن كل المعطيات تؤكد انه المرشح الأبرز، والأكثر إثارة للجدل السياسي، فهو مطلوب بقوة من الثنائي الشيعي وفريق الممانعة، ومرفوض من خصوم هذا المحور.

 

ترشيح فرنجية أدى الى فرز كبير على الساحة الداخلية، حيث نشأت بموجبه جبهة مسيحية رافضة له، قوامها “التيار الوطني الحر” و”القوات” و”الكتائب”، فالنائب جبران باسيل رافض بالمطلق لهذا الترشيح لمعطيات وحسابات سياسية وحزبية تتعلق بالزعامة المسيحية، فيما ترفض “الكتائب” و”القوات” بأي شكل وصول مرشح يملك مواصفات مرشح التحدي من فريق الممانعة .

 

موقف “القوات” شكل مفارقة بعد ارتفاع منسوب التوقعات قبل فترة بتأمينها النصاب لجلسة انتخاب فرنجية، فإذا بموقفها واضح بمنع وصول سليمان فرنجية الى بعبدا، فزاد المشهد الرئاسي تعقيدا والتباسا، وتقول مصادر “القوات” ان موقفها مبني على حسابات خاصة، لان تأمينها نصاب أي جلسة ينتخب فيها رئيس للجمهورية من فريق ٨ آذار، يعرض مصداقيتها للشكوك، ولذلك هو غير مطروح بتاتا مهما تأخر الموقف السعودي ، الذي لا يزال رماديا حتى الآن.

 

وفي حال مالت الدفة السعودية مستقبلا الى خيار فرنجية، فالمؤكد ان القوات “لن تبدل موقفها”، بحسب المصادر، لانها تتصدر المعارضة السياسية الحالية، ولن تقوم بأي خطوة تفقدها موضوعيتها امام الرأي العام المسيحي، الذي فازت بثقته في الانتخابات النيابية .

 

في مقابلته الأخيرة قطع سمير جعحع الخيط الأخير بعلاقته مع سليمان فرنجية، موجها انتقادات ولوما لفرنسا ورئيسها إيمانويل ماكرون لتأييد ودعم رئيس “تيار المردة”، فتم تفسير كلام جعجع بأنه رسالة واضحة مفادها “انه لن يتراجع ولن يكرر تجربة الرئيس ميشال عون او ينغمس بالاتفاقات والتسويات”.

 

فتصعيد جعجع رئاسيا، قطع كل الجسور مع زغرتا، مما طرح تساؤلات حول صحته وجديته وما اذا كان حعجع اتكل على ان خلاف باسيل وفرنجية دائم وأقوى من التسويات التي قد تحصل، او ان هذه الخطوة سوف ترتد عليه اذا انضم “التيار الوطني الحر” في المستقبل الى التسوية وعاد الى صفوف الممانعة .

 

الرهان في حال بقاء القوتين المسيحيتين على موقفهما في الملف الرئاسي الرافض لفرنجية اليوم، هو في امكان نشوء تقارب بينهما واتفاقهما على مرشح رئاسي، حيث يلاحظ في الأيام القليلة الماضية ان هدوءا حل فجأة على خطابهما، بعد فترة من الاشتباكات والسجالات السياسية والإعلامية بينهما بعد التمديد للمجالس البلدية والاختيارية، الذي سار فيه تكتل “لبنان القوي” وطعنت فيه “الجمهورية القوية”، فالتهدئة كما تقول مصادر سياسية، قد تكون مقدمة ربما لتفاهم او فتح صفحة ومرحلة جديدة من المشاورات الرئاسية، وصولا الى اتفاق على مرشح موحد .

 

الخطوة على أهميتها بحصول تقارب بين أكبر قوتين مسيحيتين، قد تتم لإسقاط ترشيح فرنجية وقد لا يكتب لها النجاح ايضا، فـ “القوات” أعلنت عدم التزامها بالموقف الذي سيعلنه الجانب السعودي في الملف الرئاسي، فيما يبدو موقف “التيار الوطني الحر” ملتبسا، فذهابه الى تبني مرشح متفق عليه مع “القوات” في مواجهة الثنائي الشيعي، يعني فك تحالفه نهائيا مع حزب الله وهذا ما يتفادى التيار حصوله اليوم، كما ان ما يباعد “التيار” عن “القوات” أكبر بكثير مما يجمعهما اليوم في الملف الرئاسي ، فـ “الوطني الحر” قضى مراحل سياسية طويلة حليفا لمحور الممانعة، ولا يمكنه ان يصبح في لحظة في محور ١٤ آذار .

 

تطيير الانتخابات البلدية، اظهر الفوارق بين التكتلين المسيحيين، فـ “القوات” طعنت في التمديد للمجالس البلدية، فيما شارك فيها “التيار الوطني الحر” في الجلسة العامة ومنحها الميثاقية، علما ان مقاطعة الكتلتين المسيحيتين لـ “الجمهورية القوية” و” لبنان القوي” كان سيفقدها الميثاقية.

 

بنظر كثيرين ان المشهد في الانتخابات البلدية والاختيارية وطريقة تعاطي التيار بتأمينه التغطية المسيحية لها، صورة معبرة عن الاختلافات بين “الوطني الحر” و”القوات”، فالتقاؤهما مجددا عملية معقدة، لأن الاختلافات كبيرة في السياسة، والتقارب الوحيد هو حول رفض فرنجية، أضف الى ذلك ان دوافع “القوات” لرفض هذا الترشيح تختلف عن التيار ، فـ “القوات” يعارض وصول مرشح محسوب على الممانعة لأسباب مبدئية وسياسية، فيما التيار يضع الفيتو على فرنجية لحسابات محض شخصية وحزبية، خصوصا ان فرنجية من المحور السياسي نفسه.

 

“الوطني الحر” و”القوات” متفقان على رفض فرنجية، لكن التقاءهما معقد فلكل طرف اجندة سياسية خاصة، فلا مصلحة لـ “القوات” بالتقارب من التيار إلا ضمن شروط معينة تتضمن الاعتراف بفك الارتباط كليا بالمحور السياسي الذي ينتمي إليه التيار، وهذه الشروط تسقط اي محاولة من هذا النوع، في حين ان مصلحة “الوطني الحر” اليوم من وراء هذا التقارب يتعلق فقط بقطع الطريق امام وصول رئيس من محور الممانعة .