لو صدّقنا ما يقوله الأفرقاء، كلٌّ من تموضعه في خانته الرئاسية، لكان علينا أن «ننعم» بوجود رئيس في قصر بعبدا منذ أشهر… ولكن الواقع أن «البروباغاندا»، في مختلف الإنتماءات والاتجاهات، تعبّر عن التمنيات وليس عن المعلومات. إذ لو صدّقنا ما يردّده داعمو الوزير سليمان فرنجية عن التأييد الذي يحظى به، وبالتحديد عمّا يسمّونه «التحوّل» في الموقف السعودي لكان سليمان بك يملأ الفراغ الطويل في القصر الجمهوري. ولو صدّقنا ما يعبّر عنه الفريق الآخر من تبخّر حظوظ رئيس تيار المردة لكان الرجل قد انسحب من الميدان.
والحقيقة أن مبالغات الطرَفين لا تنتج رئيساً هنا ولا تطيح مرشّحاً هناك.
ثمة إيجابية ملموسة لمصلحة فرنجية وهي أن فريقه معلوم ومتماسك، بينما المرشّح المقابل لا يزال (حتى إشعار آخر) مجهولاً، ويصح القول كذلك أن مؤيّديه وداعميه هم أيضاً مجهولون، والمعلومون منهم ليسوا فقط غير متوافقين، بل أيضاً يصح فيهم القول إن ما بينهم من خلافات وخصومات وصراعات «يفوق ما صنعه الحدّاد».
وفي سياقٍ موازٍ نرى أن فشل مساعي التوفيق، وأقله التقاطع في الموقف على مرشح رئاسي واحد، بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والكتائب ليس له سوى نتيجة واحدة تصبّ في مصلحة الزعيم الزغرتاوي. ويفاجئنا الاعتراض على قول الرئيس نبيه بري وآخرين بأن الخلاف بين الوزير جبران باسيل والحكيم سمير جعجع، عاملٌ أساس في تأخير إنجاز الاستحقاق الرئاسي. ونحن نرى أن ما تقدم يشكل حقيقةً ملموسة. فعندما يتوافق القياديان المذكوران، ومعهما رئيس حزب الكتائب الشيخ سامي الجميل فإنّ أحداً لن يسعلى حصان التوافق تطيع أن يكسرهم، لا من الداخل ولا من الخارج. وهذا الثلاثي الماروني تعرف كلُّ واحدة من أضلاعه هذه الحقيقة، إلا أنها لا تعمل بها، ما يطرح علامات استفهام كي لا نقول علامات تعجب…
وهكذا، بين الأمنيات المبالغ فيها والنيات المبَيّتة، يبقى مفتاح قصر بعبدا ضائعاً… ولن يجدَه إلّا المرشح الذي يصل الى سدة الرئاسة على حصان التوافق.