Site icon IMLebanon

في الطريق إلى المرشّح الجدّي

 

أصبح من الواجب عند رصد تتابع الأحداث الرئاسية، الانتقال من محطة إلى محطة، مع ما يكفي من الدرس والتحليل، لفهم ما قد يأتي. لهذا يفترض التدقيق بهذا التسلسل من التطورات:

أولاً: إطفاء فرنسي للمحركات، لم يسبق له أن حصل منذ بدء إدارة ايمانويل ماكرون بالترويج لانتخاب الوزير السابق سليمان فرنجية. لم تطفئ فرنسا محركاتها إلا بعدما عجزت عن تخطي الحاجز السعودي، وبعدما عجزت أيضاً، عن تجاوز التحفظ الأميركي، الذي بدأ يتحوّل إلى وضوح رافض لانتخاب مرشح «حزب الله». وصلت الجهود الفرنسية إلى نهاياتها، ومن هذه النهايات ستبدأ مرحلة جديدة، لن تكون فرنسا في صلب أحداثها، بل ستفترض المرحلة المقبلة تقدّم لاعبين آخرين، أبرزهم اللاعب العربي المؤهل ليمسك هذا الملف بعد القمة العربية والتفويض المتوقع أن يناله من جميع المكونات في الجامعة العربية.

ثانياً: تقدم الدور الأميركي في خطوات سريعة إلى النظر بالملف الرئاسي. هذا التقدم يُنظر إليه من بعض القوى في الداخل بعين الريبة، لأنه وبمجرد ظهور الموقف الأميركي الرافض لترشيح فرنجية، فإنّ نتائج هذا الرفض ستترجم على الطريقة الأميركية، بالتلويح بعقوبات على داعمي هذا الترشيح باعتبارهم يعرقلون انتخاب رئيس قادر على إحداث التغيير، وما الرسالة التي وجهها عضوا الكونغرس الأميركي إلى الإدارة الأميركية سوى إنذار أولي يُخشى أن يتحول إلى إجراءات، ستطال أصحاب الخواصر الرخوة وما أكثرهم، لكن الأبرز منهم يعرف تماماً خطورة أن تطاله العقوبات شخصياً أو تطال أحد أفراد عائلته.

ثالثاً: ثبات رفض القوى المسيحية الفاعلة لترشيح فرنجية، وهذا الثبات الذي لا يتوقع له أن يتحول إلى اتفاق على ترشيح اسم موحد للرئاسة، كاف لتشكيل حائط في وجه وصول فرنجية إلى بعبدا، لا سيما وأنّ أحداً في الداخل أو الخارج، لن يدفع ثمن تجاوز القوى المسيحية النيابية، ولن يندفع باتجاه فرض رئيس، لا يحظى بالحد الأدنى من الغطاء المسيحي، وهنا سيكون على «حزب الله» أن يحدد موقفه في الأسابيع المقبلة، وإذا كان ذلك مستبعداً، فإنّه على فرنجية، أن يختار اللحظة المناسبة للانسحاب بشجاعة، هذا إلا إذا أراد الاستمرار في معركة خاسرة، ومواجهة أمر واقع ستفرض بعده التسوية .

تتقاطع هذه الأسباب وتؤدي إلى تعزيز فرضية البدء بالبحث بانتخاب المرشح الجدي، القادر على تأمين شروط إنجاح المرحلة الانتقالية، ولو بنسب غير مبالغ بارتفاعها. ويقود هذا التقاطع إلى السؤال عن توقيت انتهاء معادلة عض الأصابع، لا سيما وأنّ موقعيْن هاميْن للموارنة في الدولة، سيكونان عرضة للشغور، وسيُضافان إلى موقع الرئاسة. ففي تموز يشغر موقع حاكمية مصرف لبنان، وفي أوائل العام 2024 يشغر موقع قائد الجيش، وفي هذا الشغور الأخير جرس إنذار للمعطلين، وحافز إضافي للتسريع بالتسوية، التي يفترض أن تؤدي إلى انتخاب رئيس لا يكون بمواصفاته، النقيض للمعايير العربية والدولية التي تشترط انتخاب رئيس إصلاحي وإنقاذي.