لا تحركات ظاهرة على الصعيد الرئاسي، بل جمود وترقب، اذ ان كل المؤشرات تنبىء ان لا حلول قريبة للفراغ الساكن في قصر بعبدا، حيث لا تزال البلاد في مرحلة انتظار لما سيؤول اليه ملف الشغور، حيث لعبة الوقت ليست لمصلحة لبنان واللبنانيين راهنا، خصوصا في ظل دخول المنطقة “ستاتيكو” الانتخابات الرئاسية الاميركية مطلع السنة من جهة، والتطورات الحاصلة على صعيد الملف “الاسرائيلي”- الفلسطيني، ومسار الاوضاع على الحدود اللبنانية الجنوبية، وامكانية انفجارها في اي لحظة من جهة اخرى. فمن يستعجبل الرئاسة اكثر، واشنطن ام حارة حريك؟ باعتبار ان اي مبادرة لن تمر دون موافقة الطرفين.
مصادر سياسية متابعة تكشف ان حزب الله ابلغ المفاوض الفرنسي، استعداده للذهاب الى جلسة انتخاب منتجة في حال توافرت ثلاثة شروط اساسية في الاسم المطروح:
-عدم طعنه المقاومة في ظهرها، وهو ما يركز عليه المقربون من الحارة، الذين يشددون على عدم استساخ تجربة الرئيس السابق ميشال سليمان، ذلك ان “المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين”، رغم ان المواقف التي اطلقها سليمان من معادلة خشبية وغيرها في الاشهر الستة الاخيرة من عهده، بقيت “كلام في كلام”، دون ان تتحول الى واقع على الارض، كما ان “بيان الحياد” بقي حبرا على ورق.
-ان يكون قادرا على التواصل مع جميع الاطراف السياسية، حيث ثمة من يرى في هذا الشرط استبعادا لكل من قائد الجيش العماد جوزاف عون، ولرئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، في ظل “مشكلهم الكبير” مع رئيس “التيار الوطني الحر”.
– موافقة المملكة العربية السعودية على الاسم، وفي الخصوص تشير المصادر الى ان ذلك البند لا ينطلق من الرغبة في تقديم ورقة سياسية للرياض في بيروت، او من باب “الكرم السياسي”، انما انطلاقا من الحاجة الى تمويل خطة النهوض الاقتصادي التي تحتاج الى الاموال الخليجية لتصبح واقعا، اضف الى ذلك الحاجة المستجدة الى هذا الدعم المالي، لتأمين اعادة اعمار ما هدمته الحرب على الجبهة الجنوبية، حيث تكشف المصادر ان السفير الايراني في بيروت اشار امام مجموعة من الصحافيين زارته الاسبوع الماضي، الى ان الملزم باعادة البناء هو مَن دمّر وليس طهران.
اما على الجانب الاميركي، فان اوساط مواكبة لحراك واشنطن تشير الى ان لا موقف لواشنطن راهنا من اي مرشح مطروح، وان الاخيرة تتابع باهتمام المشاريع التي “تتناحر” على الساحة راهنا، وهي في انتظار جلاء صورة المواجهة فيما بينها لتبني على الشيئ مقتضاه، رغم ان المسلمات الاميركية والمواصفات واضحة.
ورأت المصادر ان الجو الاميركي اقرب الى الرياض منه الى باريس، وهو ما ترجم تواصلا واتفاقا بين اليرزة وعوكر، مشددة على انه من الواضح ان باريس ليس في نيتها الانقلاب على اتصالاتها مع حارة حريك، واجهاض كل ما تم تحقيقه حتى الساعة من تقدم، اذ اعرب الايليزيه عن تفهمه للمواقف التصعيدية لكل الاطراف في هذه المرحلة من التفاوض، التي ستشهد الكثير من شد الحبال المحصور في اطار تعلية السقوف، مشيرة الى ان كل ما يشاع عن جمود في الاتصالات ليس دقيقا، ذلك ان احدى الدول الممثلة في “الخماسي الباريسي” نشطت محركاتها وفعلتها، حيث تقوم سفارتها بمتابعة المسار الفرنسي في بعض جوانبه، وهي من اجل ذلك عقدت سلسلة لقاءات مع اطراف معنية بالملف.
في كل الاحوال، يبدو ان فرحة اللبنانيين لن تصل “لقرعتهم” في الملفات المطروحة راهنا على اهميتها، ذلك ان الظروف الدولية والاقليمية غير مناسبة اطلاقا، ولن تسمح باستثمار ما تحقق، رغم الارتباط الموضوعي بين الملفات الثلاثة. فهل تصح رؤية المتفائلين و “نزمط بريشنا” قبل الانتخابات الاميركية؟ ام تتعقد الامور ونذهب الى فراغ وانهيارات ومؤتمرات؟ خصوصا ان ثمة من يلمح منذ اليوم الى “طيران” انتخابات 2026 النيابية، وفراغ في ساحة النجمة.