Site icon IMLebanon

طبخة الرئيس على نار الحرب: هل تنضج أم تحترق؟

بالترافق مع اتساع العدوان الإسرائيلي على لبنان، بدا لافتاً أنّ الملف الرئاسي تحرّك بقوة من جديد، الأمر الذي يدفع الى التساؤل عمّا إذا كان وضع طبخة الرئيس على نار الحرب سيؤدّي إلى إحراقها أم إنضاجها؟

هذا الزخم المستجد الذي اكتسبه الاستحقاق المؤجّل، على وقع دوي الصواريخ الإسرائيلية، ولّد اتجاهات عدة غير متناغمة حيال ما ينبغي فعله:

 

– الاتجاه الأول يعتبر أنّ العدوان على لبنان يجب أن يكون حافزاً للتعجيل في انتخاب رئيس توافقي يقود التفاوض على وقف إطلاق النار باسم الدولة اللبنانية ويساهم في إعادة لململة البلد المتشظي والمؤسسات المترهلة، الأمر الذي يتطلّب تنازلات متبادلة تهيئ المساحة المشتركة للتلاقي حول اسم مقبول.

 

– الاتجاه الثاني يوافق على أنّ اللحظة الحالية هي الأنسب لاختيار رئيس الجمهورية، لكن على قاعدة استثمارها سياسياً للإتيان إلى قصر بعبدا إمّا بشخصية قريبة من الفريق الذي يخاصم “حزب الله” وإمّا بشخصية تكون في الشكل وسطية وفي المضمون ملتزمة بالخيارات السياسية لذاك الفريق، وذلك انطلاقاً من الافتراض بأنّ موازين القوى باتت تسمح لخصوم “الحزب” بأن يستحوذوا على “الصوت التفضيلي” في الانتخابات الرئاسية.

 

– وهناك اتجاه لا يجد ضرورة للاستعجال في انتخاب الرئيس تحت النار أو تحت الضغط، أولاً لأنّ الأولوية يجب أن تكون لوقف العدوان، وثانياً لأنّ مجريات الميدان تؤشر إلى أنّ المقاومة بدأت في استعادة قوّتها وتحقيق الإنجازات النوعية، بالتالي لا بُدّ من انتظار الطبعة النهائية من موازين القوى في ختام القتال حتى يبنى اسم الرئيس المقبل على مقتضاها وليس على أوهام المتسرّعين الذين يظنّون أنّ “الحزب” هُزم وأنّ هوية الرئيس وبرنامجه يجب أن يعكسا هذه المعادلة المفترضة التي لا تمت إلى الواقع بصلة.

 

وسط تلك المقاربات المتباينة، تلفت مصادر وسطية مواكِبة للحراك الرئاسي المتجدّد إلى أنّ الظرف الراهن، وعلى صعوبته، يمنح فرصة جدية لانتخاب رئيس الجمهورية، إنّما على أساس توافقي لا استفزازي.

 

ووفق تقدير تلك المصادر فإنّ “اقتناص” رئيس الآن هو أفضل من الانتظار إلى ما بعد الحرب، إذ إنّه يمكن في عِزّ المعركة ومسارها الغامض اختيار شخصية وفاقية تحظى بقبول أكبر شريحة ممكنة من القوى السياسية، في حين أنّ التأجيل حتى انتهاء الحرب قد يُصعّب الأمر أكثر فأكثر، لأنّ ميزان القوى سيكون حينها هو الناخب الأساسي، والمحور المنتصر سيتشدّد في شروطه وسيحاول الإتيان برئيس يعكس إلى حَدّ كبير إنتصاره.

 

وتشير المصادر إلى أنّ هناك مروحة من الأسماء المؤهلة لتولي المسؤولية على قاعدة التوافق، لكنّ ترجيح كفة على أخرى ينتظر “الغمزة” الخارجية لأنّ أي رئيس يحتاج، حتى ينجح في التصدي للأعباء الضخمة، إلى رافعة خارجية بالإضافة إلى التوافق الداخلي.

 

وتنبّه المصادر إلى أنّه من غير المعروف كم يمكن أن تطول الحرب الإسرائيلية على لبنان، ولذا لا يمكن الاكتفاء بانتظار نهايتها، المجهولة التوقيت، من دون السعي الفوري إلى محاولة اجتراح مبادرة قادرة على معالجة أزمة الشغور المتمادي الذي باتت كلفته أكبر في مرحلة العدوان.

وتعتبر المصادر أنّ أي رئيس يُنتخب في هذا الوضع المعقد إنما هو “استشهادي” بالمعنى السياسي لأنّه سيُقبِل على مواجهة تحدّيات هائلة، والعاقل هو من يحسبها جيداً قبل أن يقبل المهمة.