على هامش إعلان دولة الرئيس نبيه برّي موعداً لجلسة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية في التاسع من شهر كانون الثاني، كَثُرتْ التكهنات حول إنعقاد هذه الجلسة أو عدمه، من الواضح أنّ الأمور تتجه ربما نحو التوافق بين المكوّنات السياسية القائمة خلافًا للنظام الديمقراطي على أمرين الأول: إنعقاد الجلسة لإيصال مرشّح لا لون (يعني على طريقة الكل بإيجار في وبيتهموا بالتقصير كما درجت العادة). الأمر الثاني، بوادر تعيل الجلسة بعد صدور كلام عن أحد المسؤولين المصنفين دوليين، إنما المطلوب اليوم أن يكون رئيس الجمهورية قادرًا وبالتعاون مع رئيس الحكومة والوزراء ومجلس النوّاب على إدارة مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية الشرعية بحكمة وصرامة لأن حكم الدستور يشكّل الرافعة الأساسية لتوطيد السلم السياسي – الأمني – الإجتماعي، كما تحقيق التقدّم وإعادة الجمهورية اللبنانية إلى مكانتها المرموقة بين الأمم لا أن تبقى عبئاً عليها.
الرئيس المطلوب إنتخابه من المفترض مع فريق عمله المنصوص عليها في الدستور المحافظة على القوانين والأنظمة التي تُسيّر العلاقات بين الوزارات وبين المواطنين، بحيث تكون جميعها متوافقة مع الأنظمة والقوانين ومبنية على قواعد النظام الديمقراطي لا في أيدي الساسة الذين يحتكرون السلطة للمنافع الخاصة وللأزلام. إنّ على الرئيس وفريق عمله الدستوري أن يُحافظا على الدستور الذي هو القمّة الهرمية في الجمهورية اللبنانية.
يقتضي على رئيس الجمهورية وفريق عمله الدستوري أن يُمارسا الديمقراطية بكل مبادئها لأنّ الممارسة السياسية السليمة تستوجب إعتماد النمط الديمقراطي السليم لا كما درجت العادة في العهود السابقة والأمثلة كثيرة ونكتفي بتذكير الرأي العام كيف تمّ تقويض الديمقراطية في قانون الإنتخابات الرقم 44 الذي أقرّ بتاريخ 17 حزيران 2017، والذي اعتمد مرة ثانية في العام 2022، حيث كان التقسيم الجغرافي للدوائر غير مبني على القاعدة العلمية الواضحة وإنما بُنِيَ على أساس طائفي يلحظ فقط التوزع الديمغرافي المذهبي للناخبين على المناطق. أكثر من ذلك جرى التوافق في حينه في دائرة مقفلة داخل البرلمان تمّت خلالها عملية محاصصة إنتخابية بين نوّاب الأمة وبموافقة الجميع ومن دون إستثناء.
المطلوب رئيس للجمهورية يحكم وفريق عمله بالعدل يبنيان دولة القانون والمؤسسات لا دولة المحاصصة والزبائنية، جمهورية تحافظ على حقوق اللبنانيين وحرياتهم دونما النظر إلى الطبقة أو الطائفة أو المذهب الذين ينتمون أليها أو إلى أي موقع في المجتمع خصوصًا أصحاب الثروات كما هو حاصل اليوم… كما واجب رئيس الجمهورية وفريق عمله الدستوري حماية الجمهورية من أي إعتداء ومن أي علاقة مشبوهة تحصل خلافاً لأنظمة القانون الدولي، واجب رئيس الجمهورية وفريق علمه الدستوري المحافظة على القوانين المنبثقة من الدستور، علماً أن أي مرجعية سياسية عليها إحترام مبدأ سموّ الدستور ومبدأ تسلسل القواعد القانونية مروراً بالأجهزة الرقابية.
مطلوب من رئيس للجمهورية مع فريق عمله الدستوري أن يلتزما إلتزاماً صارماً بتطبيق الدستور والقوانين المرعية الإجراء كما عليهم الإلتزام الصارم بتطبيق القرارات الدولية، وتطبيق نهج وقف إطلاق النار على الحدود الجنوبية مع دولة إسرائيل التي تُعتبر عدوّة والعودة إلى اتفاقية الهدنة وبرعاية أممية.
مطلوب من رئيس للجمهورية وفريق عمله الدستوري أن يطبقا ما يندرج في المرسوم الإشتراعي رقم 102 الصادر في 16 أيلول 1983 مع تعديلاته (قانون الدفاع الوطني) ولا سيما المادة الأولى والتي تنص «مفهوم الدفاع الوطني والقوى المسلحة الدفاع الوطني يهدف إلى تعزيز قدرات الدولة وإنماء طاقاتها لمقاومة أي إعتداء على أرض الوطن وأي عدوان يوجه ضده وإلى ضمان سيادة الدولة وسلامة المواطنين. يمكن إستخدام القوى المسلحة في الحقول الإنمائية والإجتماعية شرط ألا يعيق مهامها الأساسية، يقرر هذا الإستخدام بموجب مرسوم بناء على إقتراح وزير الدفاع الوطني والوزير المختص. يقصد بالقوى المسلحة: الجيش ، قوى الأمن الداخلي، الأمن العام، وبوجه عام سائر العاملين في الإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات الذين يحملون السلاح بحكم وظيفتهم». ناهيكم عن المواد 2 – 3 – 4 – 5. من هنا يجب الإلتزام بهذا المرسوم وعدم التلاعب في مضمونه الواضح، كما على لجنتي الخارجية والدفاع في المجلس النيابي الإلتزام بمضمون هذا المرسوم وعدم تخطّي الأصول الدستورية على ما كانت تجري العادة.
المطلوب من رئيس الجمهورية وفريق عمله الدستوري أن يسترشدا في الإستثناء من الحظر على توريد الأسلحة والتشدد في تطبيق المرسوم الإشتراعي رقم 137 الصادر في الجريدة الرسمية رقم 29 بتاريخ 20 حزيران 1959 الصفحة 609 – 627 الأسلحة والذخائر حيث تحصر هذه الأمور بالدولة فقط .
المطلوب من رئيس الجمهورية وفريق عمله الإعتماد على مبادئ القانون الدولي العام الذي هو قانون وضع لتنظيم العلاقات بين الدول والمنظمات، وهو عملياً مجموعة القواعد القانونية التي تحكم العلاقات بين الدول والمنظمات والأشخاص الإعتباريين المعترف بهم دولياً، تحكمه المعاهدات والقرارات الملزمة للمنظمات الدولية، لا على أساس قيام علاقة مع مكوّن بحجة ما.
نعم نريد رئيس وفريق عمل دستوري يحكمون بالعدل ويعيدون للجمهورية اللبنانية رونقها ولا نريد رئيس مجرّد خيال صحراء وعفوا على هذا التوصيف.
* كاتب وباحث سياسي