ترددت معلومات، لم ينفها المعنيون بها، أن غير فاعل خير يتوسّط لدى الوزير وليد جنبلاط ليؤيد الوزير سليمان فرنجية في انتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة، خصوصاً أن الانقسامات في مجلس النواب تحول دون تمكن فرنجية (وهو المرشح الأبرز) وسواه من المرشحين المعلَنين والمضمرين، أن يحظى على أكثرية مريحة، والمسألة تحتاج إلى جهدٍ جهيد، وقد يكون الرئيس نبيه بري أول داعمي رئيس تيار المردة، مع حزب الله بالطبع. ولست أدري ما إذا كانت نظرية “التاريخ يعيد نفسه” (المُختَلَف على صوابيتها بين الفلاسفة وعلماء التاريخ) ستثبت صحتها هذه المرة.
وأستحضر من الماضي القريب هذه اللمحة:
في شهر حزيران من العام 1970، توافقتُ والمرحوم فاروق المقدم والصحافي الصديق بولس كنعان، أمد الله في عمره، ان نقصد الزعيم (الشهيد لاحقاً) كمال بك جنبلاط، ونطالبه، بما كان لأبي نافذ المقدم من مودة وتقدير لديه، أن يدعم ترشّح عضو كتلة الوسط، الزعيم الزغرتاوي سليمان بك فرنجية للرئاسة.
وصلنا المقر الرئيس للحزب التقدمي الاشتراكي في غرب العاصمة، وما أن دلفنا القاعة الكبرى حتى بان لنا كمال بك على المنبر وبيده كتاب فرنسي عن السيد المسيح، وأمامه مجموعة من الموحِّدين الدروز، وهو يقرأ في الكتاب باللغة الفرنسية، قبل أن يُغلقه على سبّابته ليُعرِّب ما قرأه مع شرحٍ بسيط، ثم يعود إلى القراءة، دائماً بالفرنسية. وهكذا دواليك.
استمرّت الحال نحو ربع ساعة قبل أن يُنهي لقاءه مع ذاك الرهط من أنصاره ومُحبّيه وينصرف إلينا مُرحباً بحرارة، على عادته عندما كنا نلتقيه، خصوصاً مع المرحوم فاروق.
وقال بلهجته المُحببة: “خير يا بو نافذ؟ شو القصة يا عمّي؟” وتحدّثنا فقلنا “نحن قصدناك ولنا طلبٌ نعرف أنّه ليس بالبسيط. إننا نرغب إليك أن تؤيد سليمان فرنجية في الرئاسة”. فأجاب: “يا عمّي ما صرلو كم يوم رجع من موسكو. والرفاق هناك داعمينو”. فسأل فاروق: “ومعاليك رح تدعمو؟” وتوقّف كمال بك بُرهة قبل أن يقول: “ويا عمّي شو منعمل بجيش التحرير الزغرتاوي؟” (كان سليمان فرنجية قد أعلن قبل نحو ثلاث سنوات في حديثٍ صحافي خصّني به، نُشر في جريدة “تلغراف بيروت”، عن إنشاء جيش التحرير الزغرتاوي). وأسهبنا في الكلام على هذه المسألة، وكان جنبلاط، رحمه الله، يعرف سلفاً ما سنقول.
ومن دون الدخول في مزيد من التفاصيل، قال وعلى ثغره بسمةٌ ذات مغزى: “أنا بقدِر مون على الرفاق في الحزب، أما على “الشباب” في جبهة النضال الوطني، فالمسألة فيها نظر”.
واكتفينا بهذا الجواب الذي اعتبرناه إيجابياً. وكنّا نعرف أن موسكو أجرت وتجري، آنذاك، مع المختارة محادثات حثيثة في الشأن الرئاسي اللبناني انطلاقاً من دعمها فرنجية.
واليوم، هل يؤيد رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي النائب الحفيد تيمور جنبلاط المرشح الحفيد سليمان فرنجية؟