علم أن الساعات الماضية شهدت اتصالات بين أكثر من جهة سياسية، بغية وقف المساجلات بين «التيار الوطني الحر» ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وحيث يرى أحد المقرّبين من ميقاتي بأن حملات «التيار» غير بعيدة عن أجواء قصر بعبدا، وخصوصاً أنها تأتي بعدما غمز رئيس الجمهورية ميشال عون، من قناة رئيس حكومة تصريف الأعمال على خلفية عدم تشكيل الحكومة، وبذلك يكون قد فتح المعركة معه، وهذا يدلّ بالملموس على سلسلة محطات قد تشهدها الساحة الداخلية خلال الأيام والأسابيع القادمة، وذلك وفق العناوين التالية:
ـ أولاً، إن ما يجري على خط بعبدا ـ السراي، وفي ظل المساجلات والحملات العنيفة بين الطرفين، تؤكد بأن ذلك قطع الطريق كلياً على أي إمكانية لتشكيل حكومة في ما تبقى من ولاية رئيس الجمهورية، وأيضاً استمرار القطيعة بين الرجلين، لأن كليهما لديه حساباته وأجندته وظروفه، وعلى هذه الخلفية فإن التصعيد سيبقى قائماً، وربما يرتفع منسوبه في المرحلة القادمة كلما اقترب الإستحقاق الرئاسي لأن لهذه المساجلات صلة بالإستحقاقات المذكورة.
ـ ثانياً، إن رئيس الجمهورية، وفيما بقي له في قصر بعبدا من أسابيع، لن يستسلم وفق القراءة السياسية لمجريات الأوضاع داخلياً وإقليمياً، بمعنى، وأنه لم يبقَ ساعة واحدة في القصر الجمهوري بعد انتهاء المهلة الدستورية.
ـ ثالثاً، إن رئيس الجمهورية، ومن خلال كلمته في عيد الجيش، قد وضع خارطة طريق لما يمكن أن يقدم عليه في المرحلة المقبلة، إذ فتح بداية المعركة مع رئيس المكلّف، ولاحقاً قد يصار إلى الشيء نفسه مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وذلك، بانتظار ما سيقدم عليه رئيس المجلس النيابي على صعيد جلسة انتخاب الرئيس، وخصوصاً إذا دعا إلى جلسة انتخاب لرئيس الجمهورية وفق انطلاق المهلة الدستورية التي تبدأ في الأول من أيلول، وذلك تراه أوساط بعبدا و»التيار الوطني الحر» منطلقاً لفتح المعركة مع عون، بمعنى أن بري من سيدير اللعبة الرئاسية وخصوصاً أنه أطلق أولى الإشارات عندما استقبل منذ أيام رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، وذلك مؤشر واضح يؤكد على دعم بري لفرنجية، وبالتالي، قطع الطريق على رئيس «التيار» النائب جبران باسيل، حيث يُنقل بأن الرئيس عون لا زال متمسكاً أو يصرّ على دعمه كخليفة له في الرئاسة.
ويبقى أنه، وأمام هذه العناوين التي تعتبر منطلقاً أساسياً لكل ما يحيط بعلاقة الرؤساء بصلة، أو ما يضمره هذا الرئيس وذاك، للإستحقاق الرئاسي، فإنه، وحيال هذه الأجواء والمعطيات، كل الإحتمالات واردة إن على صعيد المفاجآت بشأن من سيكون الرئيس العتيد، أو حصول الفراغ الرئاسي، لأن الجميع سيلجأون إلى التصعيد لرفع سقف شروطهم، ومن الطبيعي أن يدخل ذلك أيضاً في إطار المناورات السياسية والحزبية، ولهذه الغاية، فإن أكثر من مرجعية سياسية تعرب في مجالسها عن مخاوفها من القادم في الأسابيع المقبلة على لبنان.