Site icon IMLebanon

سباق ماروني بإدارة شيعية

 

 

 

كان رئيس الوزراء البريطاني الراحل هارولد ويلسون يقول: “أسبوع في السياسة زمن طويل”. لكن المسؤولين في لبنان يتصرفون كأن ثلاثة أشهر تفصلنا عن نهاية العهد وقت ضيق لتأليف حكومة. وهم وسواهم تصرفوا كأن عشر سنين من التفاوض على ترسيم الحدود البحرية، وست عشرة سنة من الحوار ثم الجدل حول إستراتيجية دفاعية وقت قصير. وليس تسليم الرؤساء الثلاثة باللاحكومة سوى إشارة الى أمرين: أولهما إنتفاء الحاجة الى التحايل على الناس بالشعارات الكبيرة لتغطية الحسابات السياسية والمصالح الخاصة التي تتقدم على حاجات البلد المنكوب. وثانيهما الإيحاء أن هذا النوع من الحسابات والمصالح الخاصة ينسحب أيضاً على إنتخاب رئيس للجمهورية كما على الشغور الرئاسي.

 

ذلك أن المفاوضين يتكلون في موضوع الترسيم على ما ليس في يدهم. يتكلون، من جهة، على سياسات أوروبا وأميركا وإسرائيل لجهة الحاجة الى غاز المتوسط بسبب حرب أوكرانيا ومشكلة الغاز الروسي. ويتكلون، من جهة أخرى، على معادلة السيد حسن نصرالله: لا غاز لأحد إن لم يكن للبنان غازه، والخيار الذي وضعه لنفسه ولإسرائيل: حقوق لبنان أو الحرب. ولكن السؤال هو: ماذا لو فشل الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الذي يتعرض للهجوم في بيروت من القوى التي تعتبر أن أميركا مثل إسرائيل عدو في الحصول على تصورنا للحقوق؟ هل نذهب الى حرب تؤذي إسرائيل وتدمر لبنان وتمنع الجميع من إستثمار الثروة الغازية؟ وماذا لو كنا، كما تتصور أوساط تؤمن بأن الشك هو بداية اليقين، في لعبة أكبر من قصة الغاز وحقوق لبنان تتعلق بصفقات إقليمية ودولية، بحيث نصل الى لا حقوق ولا حرب؟

 

لا أحد يعرف ماذا يحدث قبل الوصول الى المحطة الرئاسية. فما نراه على السطح هو سباق ماروني بإدارة شيعية. وما نسمعه من همس في العمق هو أن الإهتمام الداخلي والخارجي المعلن بإجراء الإنتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري ليس له حتى الآن ترجمة عملية. فالإستحقاق الرئاسي يبدو كأنه عملية سرية. لا قوة داخلية أو خارجية رشحت أي إسم. ولا أحد رشح نفسه وأعلن برنامجاً كما يفعل المرشحون للرئاسة في الأنظمة الديمقراطية، وحتى السلطوية. الذين يتحركون يدورون في فلك “حزب الله” في تسابق على أن يختار واحداً منهم. والباحثون عن خيارات أخرى يراهنون على أكثرية يحتاج جمعها الى معجزة، ويتطلب الإتفاق على مرشح أكثر من معجزة، وإن كانوا ينطلقون من قاعدة سهلة: رئيس مختلف عن الرئيس ميشال عون.

 

والكل يعرف أن المسألة أكثر من مجرد الخروج أو البقاء في “جهنم”. فالمعركة تدور بين طرفين وتدار بمنطق كونها معركة لبنان. طرف يريد رئيساً يستكمل إنهاء الجمهورية. وطرف يريد رئيساً يبحث عن الجمهورية. و”الوقت لا يرحم الأمور التي لا تتم في وقتها”، حسب مثل برتغالي.