IMLebanon

التعطيل سلاح تغييري

 

 

 

من مثاليات نواب التغيير التمسك بالدستور وإتمام الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها ومن ضمنها انتخابات رئاسة الجمهورية، ولكن على هؤلاء النواب أن يأخذوا بالاعتبار أنه لا تتم انتخابات الرئاسة كيفما كان وتؤدي إلى انتخاب شخصية لا تساهم في إخراج لبنان واللبنانيين من الانهيار الذي يعيشون فيه على كل المستويات.

 

هؤلاء النواب لا يمتلكون سوى وسيلتين لإيصال رئيس تغييري سيادي يسعى لبناء دولة فعلية.

 

الوسيلة الأولى هي الاتفاق على مرشح رئاسي مع الكتل السيادية والنواب المستقلين الذين رفعوا شعارات السيادة وأحادية السلاح وعناوين بكركي، وتأمين النصاب عندها لجلسة الانتخاب وإيصاله إلى سدة الرئاسة بـ 65 صوتا أو أكثر.

 

أما الوسيلة الثانية فهي تعطيل الانتخابات الرئاسية عبر تعطيل النصاب إذا كانت هذه الانتخابات ستؤدي إلى فوز مرشح «حزب الله»، والتعطيل هنا مبرر ومشروع وهو فعلاً عمل ديمقراطي وحاجة ملحة لمنع مواصلة انزلاق لبنان نحو الفوضى الشاملة والانهيار التام، وبالتالي يكون هذا التعطيل وسيلة لدفع «حزب الله» للتفاوض في شأن حل لانتخابات رئاسة الجمهورية، انتخابات يجب أن لا تحصل إن كانت ستكون استمراراً لما نحن فيه اليوم.

 

التعطيل بهذا الشكل سيأخذ لبنان إلى مكان أفضل وهو ليس كالتعطيل الذي مارسه «حزب الله» من أجل إيصال العماد ميشال عون إلى سدة الرئاسة، ففترة التعطيل آنذاك والتي امتدت لسنتين ونصف السنة ساهمت في الوصول إلى الانهيار الذي نعيشه اليوم، والنتيجة الرئاسية لهذا التعطيل أوصلت البلد إلى الخراب ولم تترك أزمة إلا وحلت باللبنانيبن، وبالتالي فإن أي تعطيل حالي لانتخابات الرئاسة لن يزيد الأوضاع تدهورا أكثر مما هي عليه اليوم لأن أي تسوية لاحقة ستأتي بالتأكيد برئيس لا يخضع كلية لمحور الممانعة ولا ينفذ أجندته السياسية.

 

وقد يقول البعض إن «حزب الله» سيمارس التعطيل مجدداً في انتخابات رئاسة الجمهورية لمنع معارضيه من إيصال رئيس يشبههم، وهذا أمر صحيح ومتوقع، كما أن محور الممانعة قد يرفض التفاوض في شأن أي تسوية رئاسية باعتبار أنه يريد فرض رئيس من بيئته السياسية والأيديولوجية،عندها سيظهر بوضوح أن هذا المحور يريد الذهاب إلى نظام لبناني جديد يتنازل فيه المسيحيون أكثر فأكثر عن مواقع فاعلة ومؤثرة في الدولة كقيادة الجيش ورئاسة مجلس القضاء الأعلى وحاكمية مصرف لبنان فتسقط الدولة نهائيا في قبضة  المتحكمين بمحور الممانعة، في مقابل منح مسيحيي الممانعة انتصارات شكلية تتعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية واستراتيجية دفاعية وهمية ولامركزية مفرغة وهنا يكمن الخطر الشديد على الوجود المسيحي ودوره في لبنان وبالتالي نقل لبنان إلى عصر جديد يقضي على كل ما تميز به البلد على كل الصعد وتكريسه ساحة قتال وحرب.

 

الرد على هذا التوجه الذي أصبح على قاب قوسين أو أدنى من بدء مسيرة تحقيقه، يكون بطرح سياسي مضاد يسقط كل العناوين الفارغة التي يرددها البعض ويتمسك فيها على قاعدة الوحدة الوطنية والعيش المشترك، والذهاب فعلياً إلى صيغة فيدرالية او ربما أكثر إنطلاقا من أن مصير لبنان واللبنانيين لا تقرره وتفرضه فئة واحدة ترفض التخلي عن استئثارها بقرار دمر لبنان وحرمه ما يريده كل الناس ألا وهو الاستقرار والسلم والازدهار وهذا هو المدخل لعيش مشترك حقيقي ورفاهية يريدها من يعشق الحياة.