Site icon IMLebanon

الانتخابات الرئاسية: لماذا لا تكون حكومة في المنفى؟

 

كل الأنظار والآمال متجهة هذه الأيام الى انتخابات الرئاسة، كما كانت قبل 15 أيار الماضي. ولأنه بعد انتهاء ولاية ميشال عون، فإن البحث هو عن الأسوأ أو الفوضى، فلربما لم تجد قوة الإحتلال الإيراني مَن هو الأسوأ لميشال عون والأفضل لخدمتها، فتكون الفوضى أو يكون الفراغ!!!

لبنان واقع تحت الإحتلال الإيراني بكل مؤسساته وسياسته، تماماً كما كانت فرنسا عند الإحتلال النازي الألماني لها.
وفرنسا، انتخبت «بيتان» رئيساً من مجلس نيابي منتخب قبل الحرب بأكثرية 90%، وشعب لبنان انتخب في 15 أيار نفس الذين حوّلوا بلده الى جهنم بالتعاون مع الإحتلال الإيراني، انتخب الذين سرقوا الكهرباء وسرقوا كل أموال الدولة، ولأنهم وعدوه بأن يعيدوا الكهرباء.
كان العميد ريمون إده الغائب عنا والحاضر في قلوبنا وضمائرنا يقول: «الشعب اللبناني سياسياً مْرِتّ… مْرِتّ… مْرِتّ… في انتخاب قادته»، ردّدها ثلاث مرات، وكان العميد يقول «انني أشعر بألم وأسف لأن هذا الشعب اللبناني بما يتحلّى به من صفات الشجاعة والكرم والإلفة والذكاء والمبادرة لا يزال سياسياً شعباً مْرتاً… مْرتّاً… مْرتّاً لا يعرف كيف يختار قادته(1)».
إذاً فَلْنتطلّع في الإنتخابات الرئاسية في اتجاه آخر! الى حكومة في المنفى!
قال العميد حين كان في باريس، وكانت فكرته الوحيدة لتحرير لبنان: «نؤلف حكومة لبنانية في المنفى ومعنا كمال جنبلاط وصائب سلام»(2).
كانت فكرة حكومة المنفى التي تعترف بها الدول الكبرى في فكر العميد ريمون إده الذي يبقى حاضراً في قلوب وضمائر اللبنانيين، كان يحدو العميد ريمون إده في إستعادة فكرة تأليف حكومة نجاح تجربة الجنرال شارل ديغول الذي ألّف حكومة في المنفى في لندن حين كانت فرنسا تحت الإحتلال النازي الألماني، كانت هي التي تقود المقاومة، وعاد ديغول الى باريس ظافراً بعد انتصار الحلفاء ليقود بلده الى السلام.
وقد قال العميد ريمون إده لكمال جنبلاط يوم كان يستعد للسفر الى مصر أيام أنْوَر السادات الذي دعاه باستعجال، قال لكمال جنبلاط «أنا وأنت ضد الإحتلال السوري (الآن أصبح سوري وإيراني)، فلنذهب معاً الى مصر ونؤمن حكومة في المهجر(3)»، ولكن الزعيم الدرزي رفض، وتم اغتياله بعد أسابيع من هذا الحديث مع ريمون إده.
لبنان محتل من إيران بواسطة الميليشيا الإيرانية «حزب الله»، كما كانت فرنسا محتلة من النازيين الألمان.
ولكن فرنسا كان لها ديغول، ولكن الذي حكمها خلال الإحتلال الألماني بيتان والى جانبه لافال، (وبعد التحرير، حُكم بيتان ولافال بالإعدام ونُفِّذ الإعدام في لافال ولكن ديغول جعله حكماً مؤبداً لـِ بيتان).
في لبنان الأكثر تطرفاً في مساندة الإحتلال الإيراني – السوري هو جبران باسيل، وهو نفس الدور الذي لعبه لافال في فرنسا، وهو أكثر المتطرفين في مساندة الإحتلال الإيراني، لم يعد لنا عميد كالعميد ريمون إده ولا بقي فؤاد شهاب على قيد الحياة! صائب سلام تحدث كثيراً وطويلاً مع العميد في باريس وفي جنيف حول الحكومة في المنفى، وكان صائب بك متردداً لأن تمام في بيروت وأذى قوى الإحتلال معروف ومشهور.
إنّ تجربة انتخابات 15 أيار التي أثبتت ما قاله العميد ريمون إده: ان الشعب اللبناني مْرِتّ… مْرِتّ… مْرِتّ في اختيار قادته، وأثبت المغتربون في الانتخابات في 15 أيار انهم هم وحدهم القوة اللبنانية وانهم الشعب اللبناني الذي ليس «مْرِتّ… مْرِتّ… مْرِتّ» بل هو شعب شجاع وعارف وقادر على انتخاب قادته، ولكن المغتربين لن يتمكنوا وحدهم من قلب الأوضاع ولعب دور الجنرال ديغول بدون حكومة في المنفى.
بعد انتهاء ولاية عون-باسيل، وهما على شاكلة بيتان-لافال، فإن أبطالاً سيظهرون في حكومة في المنفى في باريس، سيظهر ديغول لبناني. ولكن يجب أن لا يختار اللبنانيون الرئيس الذي يخلف عون-باسيل لأنهم «مْرِتّين» لا يعرفون كيف يختارون قادتهم، والدليل انتخابات 15 أيار!
سمير جعجع، لماذا لا ينتقل الى الإقامة في باريس ويؤلف حكومة في المنفى وتبقى القوات اللبنانية قوة المقاومة؟

لماذا لا ينضم وليد جنلاط الى هذه الحكومة؟ لماذا لا يترأس هذه الحكومة أشرف ريفي تضم فارس سعيد؟ ولا تستطيع الدول الكبرى إلا الاعتراف بهذه الحكومة في المنفى لأن شعوب الدول الديمقراطية مع لبنان الحر ومع الحرية في لبنان.
مع ميشال عون انتهت أي شرعية للإحتلال، سواء جاؤوا بأزلامهم أم عجزوا عن انتخاب دمية! فإن أي شرعية لم تعد قادرة على حكم لبنان وهو تحت الإحتلال، فلماذا لا تُسفر الإنتخابات الرئاسية عن حكومة في المنفى تنتقل اليها الشرعية.

ان لبنان بحاجة الى أبطال، وهو في المرحلة الفاصلة، فإلى حكومة في المنفى، هذا هو الحل الوحيد.
ولن ينجح سمير جعجع في جمع النواب المعارضين او التغييريين لأنهم شعب «مْرِتّ… مْرِتّ… مْرِتّ» في اختيار قادته لا سيما حين يكون تحت الإحتلال.
فلتكن للبنان شرعية حرّة في حكومة في المنفى مقرّها المؤقت في باريس!
ومع الرجال والزعماء الذين أثبتوا وطنيتهم وشجاعتهم في لبنان، ينتقلون الى باريس لحكومة في المنفى.
كثير كثير من المغتربين الذين عملوا كثيراً بصمت ووطنية، وبدلاً من أن يعمل هؤلاء في الفراغ، فليأتِ الجميع الى حكومة في المنفى تصبح هي الشرعية فيها الزعماء الوطنيين معهم المغتربين.
وتُسفر انتخابات الرئاسة إما عن قزم إيراني أو دمية إيرانية أو عن الفراغ والفوضى، ولكن الشرعية تكون وُجدت، وخطّ لبنان طريقة للخروج من الإحتلالات الفلسطينية ثم السورية ثم الإيرانية.
نحن على مفترق، والتاريخ كله عِبَر!
ومن عِبَر التاريخ حكومة في المنفى تصبح هي الشرعية. ولا خلاص للبنان إلا عن هذا الطريق، بيان البنك الدولي بإدانة الطبقة الحاكمة واتهامها بالفساد كان يمكن أن يصدر عن حكومة المنفى بالتعاون مع البنك الدولي.
الداخل محتل فاقد الوعي والإرادة، ليس أمامنا سوى الخارج بلاد الأحرار والحرية، من هناك يجب أن تنطلق شرعية لبنانية أصيلة تعترف بها كل الدول والأمم المتحدة.
هذا هو طريق الخلاص ولا طريق سواه.
سأل العميد ريمون إده نبيه بري قبل أن يصبح رئيساً للمجلس، كان ذلك في باريس حين زار بري العميد..
سأله العميد: متى انتصر النبي محمد؟
فلم يجب نبيه بري، فأضاف العميد: انتصر يوم هاجر من مكة الى المدينة.
الهجرة مفتاح النصر، ولتكن حكومة في المنفى في الهجرة مفتاح النصر وعودة لبنان الى الحياة!

(1) كتاب ريمون إده – جمهورية الضمير – نقولا ناصيف – النهار – صفحة 151.
(2) نفس المرجع صفحة 164.
(3) نفس الكتاب صفحة 165.