على مسافة أيام معدودة من بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية، تختلط الحسابات المحلية والخارجية المتعلقة بالمعطيات السياسية المحيطة بهذا الإستحقاق، والذي يتزامن في أيلول المقبل مع الترسيم البحري، والذي يبدو مؤجلاً وبشكلٍ مؤقت، بانتظار الخطوة المقبلة للمنسّق الرئاسي الخاص للشراكة من أجل البنى التحتية والإستثمار العالمي آموس هوكستين، حيث لا تخفي مصادر نيابية مطلعة وجود ترابط بين الإستحقاقين، خصوصاً وأن المهلة المحددة لبنانياً لإنجاز اتفاق الترسيم، لا تتعدى بداية شهر أيلول المقبل، بعدما أطلق هوكستين، وخلال زيارته الأخيرة لبيروت، وعداً بجواب إيجابي في غضون أسبوعين، ولكن هذا الأمر لم يحصل، على الأقلّ حتى اليوم.
ولا يمكن، في هذا الإطار، إغفال إمكان انعكاس أيّ من العنوانين على العناوين الداخلية الأخرى، حيث أنه من الصعب، كما تكشف المصادر النيابية المطلعة، أن يتمّ الفصل بين مسار الإستحقاق الرئاسي، والذي سيأتي على إيقاع استحقاق الترسيم، حيث لكلً منهما ارتباطات تتخطى الحدود اللبنانية إلى الإقليم كما إلى عواصم القرار الغربية، وبالتالي وفي مرحلة خلط الأوراق واختلاط الرهانات، ليس في مستطاع أي جهة محلية أن تستشرف ملامح المرحلة المقبلة والحسم المرتقب على الساحة اللبنانية خصوصاً والإقليمية عموماً، في ضوء تطورات مفاوضات فيينا .
في المقابل، لا تستبعد المصادر النيابية، أن يكون التوجه العام على المستوى الإقليمي والدولي، يتركز على تجميد المهل والمواعيد المضروبة، بالنسبة إلى تأجيل عملية استخراج الغاز من حقل «كاريش»، ومن دون تحديد أية مواعيد جديدة، على الأقل في الأسابيع المقبلة، بانتظار انقشاع المشهد العام على الساحتين الإقليمية والدولية أولاً، وانتهاء الإنتخابات «الإسرائيلية» ثانياً، انطلاقاً من واقع الإرباك والخشية لدى الحكومة «الإسرائيلية» الحالية من أية حملات قد تتعرض لها وقد تؤثر على نتائج هذه الإنتخابات، وبالتالي ومن شأن هذا التطور إذا حصل، كما توضح المصادر نفسها، أن ينعكس على المشهد السياسي المحلي في بيروت، حيث لن يكون الحسم في ملف ترسيم الحدود ممكناً، أو على أقلّ تقدير وارداً خلال أيلول المقبل.
لكن ما تقدم من معطيات، تضعه المصادر النيابية نفسها، في خانة التأثير المرحلي والمحدود على المشهد الداخلي، حيث أن الملفات والعناوين تتسابق مع الأزمة المالية والإقتصادية التي تتفاقم وبشكلٍ يومي، لأن أي إيجابيات قد تتأتى من الخارج، ستقف عند حدود الجمود الداخلي والعجز عن استثمار أية ظروف إقليمية أو دولية، من أجل تحسين الواقع الداخلي على مستويات عدة.
وتنسحب هذه المعادلة أيضاً على عدم تأمين أي قدرة محلية، على مواجهة أية تطورات ذات طابعٍ سلبي وتتصل بمفاوضات فيينا أو بملف الترسيم، في حال برزت تعقيدات جديدة على هذا الصعيد، وعادت المفاوضات إلى المربع الأول، مع ما يعنيه ذلك من فشل للوساطة الاميركية، بصرف النظر عن كل المواقف والبيانات المعلنة، والتي تحمل طابعاً تفاؤلياً يشير إلى إمكان إنجاز الإتفاق على ملف الترسيم قريباً.