يبدو جلياً أن الإستحقاق الرئاسي، هو العنوان الرئيسي الذي يحتلّ الأولوية في هذه المرحلة بالذات، في ظلّ معلومات عن أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد تصعيداً سياسياً غير مسبوق ربطاً بهذا الإستحقاق وذلك على خلفية العناوين التي أطلقها رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، إلى ما سيصدر لاحقاً من مواقف أبرزها لرئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، في مؤتمره اليوم، الذي سيردّ فيه بعنف على كلام جعجع، وفق ما تذكر مصادر سياسية مراقبة، مشيرةً إلى أن السجال بين معراب وميرنا الشالوحي، سيطغى في المرحلة المقبلة على المشهد السياسي المسيحي، في ظل تساؤلات إلى أين سيؤدي هذا التصعيد، وخصوصاً أن هذه المصادر، تقول إن كلّ ما يحصل، هو لرفع سقف الشروط وحرق هذا المرشّح وذاك، لأنه من الطبيعي، ثمة استحالة في ظلّ المعطيات الراهنة، أن تقبل معظم القوى والأطراف السياسية، المرشحين الأبرز للرئاسة، مع العلم أنه وبفعل نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة، وانطلاقاً ممّا كان يشدد عليه «التيار الوطني الحر»، فإن جعجع سيكون ناخباً أساسياً في الإستحقاق الرئاسي من خلال تزكية هذا المرشح وذاك، أو رفض ترشيح اي شخصية لا يوافق عليها كلّ من «القوات» و»التيار الوطني»، اللذين باتا ناخبين أساسيين، ما سيعطي المعركة الرئاسية، أبعاداً ودلالات كثيرة، كما تشير المصادر نفسها، والتي تعتبر أن دائرة المرشحين من خارج الأسماء المطروحة للرئاسة، أكان في الإستحقاقات السابقة أو الحالية، ستتأثر بهذه المواجهة على الساحة المسيحية، التي قد تدفع إلى تعزيز حظوظ المرشح البعيد عن أي اصطفاف، وبتعبير آخر التوافقي، وقد يكون نواب التغيير ال13 قد تماهوا وتناغموا مع هذا المُعطى الذي يحظى بدوره بقبول ودعم من الدول المعنية بالملف اللبناني وفي طليعتها فرنسا التي تحظى بتفويض أميركي وأوروبي وعربي بالشؤون اللبنانية، منذ زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان وما واكبها من لقاءات ومؤتمرات وزيارات لموفدين فرنسيين، على أن تقول باريس كلمتها في وقت ليس ببعيد، باعتبار أن التواصل مستمر بين الإليزيه وعدد من المرجعيات السياسية والرئاسية في لبنان والعنوان الأساسي للموقف الفرنسي الراهن يكمن في ضرورة إجراء الإنتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري المحدد، وثمة إصرار حول هذه المسالة لما تنطوي عليه من أهمية، لأنه وفي حال لم يُنتخب الرئيس العتيد في هذا الموعد، فإن الأمور في لبنان ستكون صعبة وقاسية على المستويات كافةً.
من هذا المنطلق، فإن التصعيد السياسي، تضيف المصادر نفسها، قد يكون مسألةً تقليدية أو عادية في الاستحقاقات الرئاسية، ولكن ونظراً لما يمرّ به البلد من ظروفٍ استثنائية، ومع استمرار النزف الاقتصادي والمالي، فإن الضرورة تقتضي، ووفق ما تحذر منه أكثر من جهة غربية وعربية، بانتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة إصلاحية والالتزام بالقرارات الدولية والشروع في الحوار مع صندوق النقد الدولي، وإلاّ فإن البلد ذاهب إلى المجهول ومع فراغ في الرئاسة وفي سائر مؤسسات الدولة، في ضوء ارتفاع احتمالات حصول الانفجار الإجتماعي في أي توقيت، مع اقتراب خريف الاستحقاقات الإجتماعية والتربوية، ولهذه الغاية، تركز كلّ المساعي على انتخاب الرئيس في الموعد الدستوري المحدد.