شدّ عصب مسيحي و «فيتوات» مُتبادلة بين مُرشحي الصف الأول
مع تقدم الوقت يزداد المشهد الرئاسي تعقيدا، ولم يعد ممكنا تبيان المسار الذي ستذهب اليه البلاد، مع أرجحية مؤكدة لدخول البلاد في الفراغ الرئاسي المربك الذي سيفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية.
الضبابية الرئاسية انعكست توترا في الخطاب الرئاسي عشية الدخول في مرحلة الاستحقاق، حيث يحاول كل مرشح رئاسي ان يكسب النقاط ويكسر خصمه السياسي، وهذا ما جاء في التصعيد الأخير للنائب جبران باسيل الذي شن هجوما استهدف عدة أطراف معنية بالاستحقاقين الدستوريين، محذرا الرئيس نجيب ميقاتي من حكومة غير كاملة المواصفات تستلم صلاحيات الرئاسة، في محاولة من باسيل لشد العصب المسيحي المتراخي، بحسب مصادر معارضة لباسيل، بغض النظر عن تأثير مواقفه التي لم تعد تجد بيئة مؤيدة لها إلا في صفوف محازبيه.
بالنسبة الى رئيس التيار الوطني الحر مسألتان لا يمكن القبول بهما: تسليم حكومة تصريف الأعمال صلاحيات الرئاسة الأولى، ورئيس جمهورية لا تمثيل شعبي له، مما يعني عمليا عدم قبول باسيل تجيير الرئاسة لفرنجية، بحجة رفض وصول رئيس له نائب واحد، وموقف باسيل كما تقول المعلومات يأتي بعد محاولات جرت برعاية حزب الله لتقريب وجهات النظر والتوافق على مرشح رئاسي انتهت بالفشل.
شبح الفراغ الذي بدأ التداول به يترافق مع تلاشي حظوظ المرشحين المسيحيين الأقوياء، فرئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية الذي كان متوقعا ان يشكل نقطة تلاقي بين شخصيات ٨ آذار، برزت في وجهه «فيتوات التيار الوطني الحر»، وبات فرنجية الذي احتل قبل فترة التراند الرئاسي وطرح ترشيحه بقوة في الصالونات السياسية مرشحا مع وقف التنفيذ.
على مقلب «الوطني الحر»، لا يبدو ان النائب جبران باسيل استسلم رئاسيا، وهو انضم مؤخرا الى لائحة المرشحين، بعدما كان اسمه في الفترة الماضية في الخطوط الخلفية نظرا للعقوبات الأميركية والفيتوات الداخلية عليه، في حين يتداول أيضا بترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون متلازما للترشيحين.
مع سابق اصرار وتخطيط، ارتفعت المتاريس الرئاسية وحدّة التنافس بين القوى السياسية، ويتعمّد كل فريق إلغاء خصمه وشطبه من المعادلة، وهذا ما فعله النائب جبران باسيل بقطع الطريق على حليفه سليمان فرنجية، عندما اعتبر انه غير ملزم انتخاب سليمان فرنجيه، وما فعله مع فرنجيه كرره مع قائد الجيش الذي يعتبره باسيل من الخصوم.
ومع تعذر التوافق على رئيس «تيار المردة» واستحالة وصول جبران باسيل، برز اسم قائد الجيش الذي دخل نادي المرشحين المحتملين للإنتخابات استنادا الى المعادلة المتعارف عليها ان كل قائد جيش مشروع مرشح جدي لرئاسة الجمهورية، كما ان أداء قيادة اليرزة كان بمستوى الجيد في القيادة العسكرية والتعامل مع الأزمة اللبنانية وتداعيات الانهيار على المؤسسة العسكرية و قدرته على تعزيز مناعة الجيش الصحية والإنسانية والأمنية في مرحلة الانهيار.
إلا ان معادلة وصول قائد الجيش الى بعبدا يتنازعها رأيان: هناك فئة تعتبر العماد جوزف عون منافسا جديا في استحقاق ٢٠٢٢ بمواجهة فرنجية وباسيل، لأن الاثنان مرشحان من الفريق السياسي نفسه، ويسعى كل منهما الى قطع الطريق أمام الآخر، فيما يرى فريق آخر ان حظوظه شبه معدومة لاعتبارات متعدد، فانتخابه يحتاج الى تعديل المادة ٥٩ من الدستور المتعلقة بمنع انتخاب موظفي الدولة، في حين ان انتخاب قائد الحيش في مجلس النواب يحتاح الى توفر نصاب الجلسة.
مع المشهد الرئاسي المتوتر عاد التشنج وارتفعت حدة الخطابات والمتاريس بين السياسيبن، خصوصا المرشحين للرئاسة الأولى، مع توقع كما تقول مصادر سياسية، ان تحمل الأيام القليلة المقبلة إذا لم يحصل انفراج حكومي المزيد من جولات العنف الكلامية.