لا يزال بعض النواب ممن يدعون المعارضة لمحور الممانعة يقلبون الخيارات المتاحة أمامهم في الاستحقاق الرئاسي من أجل الوقوف في وجه أي مرشح لمحور الممانعة الذي يقوده «حزب الله»، ويشعر من يلتقي ببعض هؤلاء أنهم ربما قد يذهبون إلى التخلي عن معارضتهم لرئيس ممانع جديد في قصر بعبدا تحت عنوان طوباوي وهو أننا لا نريد تعطيلاً للإنتخابات الرئاسية وشغوراً في سدة الرئاسة الأولى.
إن أي تصرف في هذا الإطار من قبل هؤلاء النواب هو بمثابة قضاء على أي أمل بالتغيير لدى اللبنانيين مهما كان ضئيلاً، وهو تصرف ناجم عن خوف وعن ضعف وعن نكاية يمارسها البعض في حق ما يعرف بالقوى السيادية وفي مقدمها القوات اللبنانية، خاصة وأن هؤلاء النواب وبالتعاون مع القوات وغيرها من القوى السيادية يستطيعون فرض واقع جديد أو على الأقل فرض توازن في المعادلة بين الممانعين والسياديين.
في انتخابات رئاسة الجمهورية يفترض بكل نائب لا يدور في فلك الممانعة ان يدرك أن صوته في هذه الانتخابات سيأخذ البلد إما باتجاه استمرار الانهيار غير المحدود وإما على الأقل باتجاه وقف هذا الانهيار والبدء بالمعالجات الفعلية، وقد يتذرع البعض منهم بأن اتفاقاً إقليمياً وتسوية سياسية حصلا لاختيار رئيس عاجز وهذا عذر أقبح من ذنب، لأن من لديه القدرة على فرض التوزان على الأقل ولا يستخدمها لإيصال رئيس فاعل هو في الحقيقة متآمر على لبنان وعلى اللبنانيين وتحديداً على الشريحة التي انتخبته وأوصلته إلى البرلمان.
إن كل الأسلحة من قبل النواب المعارضين لمحور الممانعة في الانتخابات الرئاسية هي أسلحة مشروعة، وفي مقدمها تعطيل جلسات الانتخاب، وهذا التعطيل يجب أن يكون خياراً اول لا تردد فيه ولا تراجع ولا مهادنة ولا تساؤلات ولا خوف من تحميل المعطلين مسألة الشغور، فالجلوس على كرسي بعبدا من رئيس كيفما كان هو أسوأ بأشواط من بقاء هذا الكرسي شاغراً، وعلى هؤلاء النواب أن يضعوا في حساباتهم أن الوضع الذي يعيشه اللبناني اليوم لن يكون أسوأ في حال الشغور الرئاسي، لأنه برئاسة وحكومة تدهور ويتدهور وضع اللبنانيين جراء انعدام المسؤولية في السلطة وخلافات أهلها ومحاصصاتهم ومغانمهم.
لمرة واحدة مطلوب من هؤلاء النواب أن يتصرفوا برجولة سياسية وأن يتخلوا عن مبدأ «الدكة الرخوة».