Site icon IMLebanon

قراءة “مسيحيّة” في “الإستحقاق الوطني”

تأجيج الخطاب السياسي لا يفسد “الودّ” المسيحي في اللقاء حول الرئاسة!

 

وسط ترقّب اللبنانيين لمآل الإتصالات والمبادرات الرئاسيّة، تغيب الأحزاب المسيحيّة اليوم عن المنافسة لإيصال أحد مرشحيها إلى سدّة الرئاسة الأولى، ليشكل هذا الغياب الثالث من نوعه بعد استحقاق الرئاسة الثانية ومن ثم تكليف «الرئيس الثالث» تشكيل الحكومة، ما دفع إلى التساؤل حول «فعالية» المسيحيين في إعادة تكوين السلطة، والمعادلة السياسيّة القائمة اليوم، سيّما وان البعض يضع هذا الإستحقاق الوطني في صلب اهتمام الكتل الأكثر تمثيلاً للمسيحيين في المجلس النيابي.

وفي هذا الإطار، يوضح النائب سيمون أبي رميا لـ «نداء الوطن» أن مقاربة الكتل المسيحيّة لاستحقاق رئاسة الجمهورية يختلف عن الإستحقاقات الأخرى التي فرضتها تركيبة النظام والمجلس النيابي، مشيراً إلى أن التفاف النواب الشيعة حول الرئيس نبيه بري كان كفيلاً بإيصاله بعيداً عن تصويت الكتل المسيحية الكبرى أو تأييدها له، على الرغم من التأييد المسيحي الذي ناله من النواب المستقلين أو الذين يتمتعون باستقلالية خاصة، لافتاً إلى انعكاس هذا الأمر أيضاً على تكليف الرئيس نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة.

ورأى أنه بحكم الميثاقية المرتبطة بالموقع الماروني الأول في البلد ومن ثم أبعاده المسيحيّة، تحتّم على المرشح الرئاسي أن يكون حائزاً على دعم أيٍّ من الكتل المسيحيّة الوازنة آملاً في توصّل أكبر الكتل المسيحيّة، التيار والقوات، على السواء إلى دعمه والوقوف إلى جانبه.

 

بدوره وضع النائب سعيد الأسمر، عدم إقدام «القوات اللبنانية» على إعلان مرشحها لرئاسة الجمهورية في سياق حرصها على اختيار الرئيس وإيصاله، بعيداً عن ذر الرماد في العيون عبر تقديم مرشحين لا تتوفر لهم إمكانية الوصول، مشدداً على أن هذا الحرص يدفعهم إلى ترك قنوات التواصل مع كافة الأفرقاء الذين يؤمنون بلبنان السيادة والإستقلال، لبنان الـ 10452 كيلو متراً مربعاً، بعيداً عن أيّ وصاية خارجية، ما يوجب عليهم أيضاً عدم تقديم مرشحٍ والطلب من الآخرين تأييده.

وإذ توقف عند أهمية التواصل والتعاون بين الأحزاب والنواب السياديين الذين يعوّل تكتل «الجمهورية القويّة» على التعاون والإتفاق معهم على اختيار الرئيس الذي يشبه لبنان والناخبين الذين أوصلوا ممثلين عنهم إلى المجلس النيابي من أجل تحقيق التغيير المطلوب، أكّد أن فعاليّة القوى والأحزاب المسيحيّة ستظهر ما إن يدعو الرئيس نبيه بري إلى جسلة انتخاب الرئيس، على أن تكون ملموسة وتترجم نتيجة الإتصالات التي تقوم بها «القوات اللبنانية» مع غالبية الأفرقاء بما يؤدي إلى طرح مرشح رئاسي من قبلهم.

وعن تخوفه من تكرار سيناريو الرئاسة الثانية والثالثة كما هيئة مكتب المجلس، رأى ان ما حصل يشكل نكسة للقوى التغييرية، بعد تأييد «القوات» للمرشح المستقل غسان سكاف لنيابة رئاسة المجلس، مبدياً أسفه في الوقت نفسه لعدم إلتفاف قوى «المعارضة» حوله، ما أدى إلى فوز النائب الياس بو صعب المدعوم من قوى 8 آذار.

وإذ إعتبر أن اخفاق قوى «المعارضة» في انتخاب هيئة مكتب المجلس واللجان النيابية شكل درساً لحثهم على التنسيق بما يضمن عدم تكرار الأخطاء السابقة، لفت إلى أن التواصل مع «المستقلين» يهدف إلى الإلتفاف حول مرشح يكون على قدر التطلعات والآمال المرجوة للتغيير. ومع تأكيده على وجوب إجراء الإنتخابات الرئاسيّة ضمن المهل الدستورية، رفض الحديث عن تأخير أو تطيير هذا الإستحقاق، مشدداً على أهميّة إنتخاب رئيس بأسرع وقت ممكن، إنسجاماً مع احترامهم للمواعيد الدستورية، آملاً أن تشكل هذه المناسبة فرصة لإيصال الرئيس الذي يشبههم.

 

وعلى الرغم من رهان «القوات» على التوافق بين نواب «المعارضة»، يرى النائب سيمون أبي رميا في غموض موقف «التيار» وعدم المبادرة إلى دعم أيٍّ من المرشحين، أنه يتلاقى ودعوة «التيار» إلى عقد حوار بين المكونات الوطنية تمهيداً لإنجاح الإستحقاق، مشدداً على وجوب أن يحظى الرئيس بالمواصفات التي أطلقها النائب جبران باسيل أكان لجهة تأييد الكتل المسيحيّة له أو تجيير هذا الدعم، لافتاً إلى أنّ «التيار» كما «القوات» يمكنهما تأمين هذا الغطاء بعد نتائج الإنتخابات الأخيرة، مشيراً إلى أنّ «الحوار الوطني» يحتم لقاء القوى المسيحيّة ومشاركتها في حوار مسيحي – مسيحي مرتبط بهذا الإستحقاق.

وعمّا إذا كان تروّي «التيار» في دعم أيٍّ من المرشحين مرتبطاً بالحوار، إعتبر أن مقاربة هذا الإستحقاق هي مقاربة شاملة تتخطى الأسماء وصولاً إلى برنامج الرئيس والدعم الذي يجب أن يرافق عهده، مؤكداً في السياق، وجود حراك نيابي ولقاءات بين نواب ينتمون إلى مختلف الكتل التي تسعى إلى إنجاح هذا الإستحقاق، بعيداً عن الإعلام بما يضفي عليها الطابع الجدي بعيداً عن العراقيل التي قد تطالها جرّاء تسليط الأضواء عليها.

وإذ رأى أن واجب الكتل المسيحيّة التوصل إلى اتفاق وتفاهم قبل انتهاء المهلة الدستورية، استبعد انعكاس التراشق والرسائل الهجومية التي ساقها كلٌ من الدكتور سمير جعجع والنائب جبران باسيل على التلاقي بين الطرفين، واضعاً هذا الأمر في السياق الطبيعي للعمل السياسي، والذي لا يحول دون التلاقي والحوار، مشدداً على أن الوصول إلى رئيس إنقاذي يتمتع بالدعم المسيحي المطلوب يتطلب حواراً جدّياً وبنّاء بين مختلف الكتل النيابية وبالتحديد بين التيار والقوات اللبنانيّة.

وعن مبادرة النواب الـ 13، رأى أن الصيغة اللبنانية برهنت عدم إمكانيّة أيٍّ من القوى السياسية النيابية فرض آرائها على القوى الأخرى، تاركاً البحث في إمكانية التعاون البنّاء حول خارطة طريق لما بعد تقييم اللقاء معهم.

وحول إمكانية مقاطعة جلسة الإنتخاب قبل التوصل إلى رئيسٍ يؤيده «التيار»، ترك أبي رميا كل الخيارات مفتوحة آملاً أن يتم التوصل والإتفاق حول رئيس يتمتع بالمواصفات التي وضعها «التيار».

كذلك، رأى عضو تكتل الجمهورية القوية سعيد الأسمر أن المواصفات التي تضمنتها مبادرة النواب الـ 13، لا يمكن الإختلاف حولها، لافتاً إلى أن اللقاء معهم سيتضمن الإستيضاح حول مقاربتهم لأن يكون الرئيس من خارج الإصطفافات. ومع تأكيد أسمر على رفضهم الاصطفافات الطائفية، شدد في الوقت نفسه على وجوب أن يكون الرئيس سيادياً يواجه التهريب والسرقة والنهب.

واعتبر ان المواصفات التي تضمنتها المبادرة سبق ونادت بها «القوات اللبنانية» منذ زمن وهي تشكل نقطة التقاء حول تأييد المبادرة، آملاً التوصل إلى اختيار المرشح القادر على النهوض بلبنان بعيداً عن الرؤساء المتعاقبين الذين دفعت بهم التسويات والصفقات التي أوصلتهم إلى مراعاة الجميع، مشيراً إلى أن هذه التجربة أدت إلى ما وصل إليه لبنان، رافضاً الإستمرار في هذا النهج، مؤكداً سعيهم إلى التغيير، تاركاً طرح الأسماء الرئاسيّة إلى ما ستؤول إليه اللقاءات، على أن يكون المرشح رهن التوافق بين الجميع، بعيداً عن أيٍّ فرضٍ لطرف على آخر.