سيِّدتانِ حتى الآن أعلنتا ترشُّحهما للإنتخابات الرئاسية: تريسي شمعون ومـيْ الريحاني: وللعائلتين تاريخ سياسي وأدبي.
لِـمَ لا… إذا كان الرجال كمثل ما نسمعُ ونقـرأُ ونـرى، فالنساء بالحكم أوْلـى، وقـلْ مع المتنـبّي: «لفُضِّلتِ النساءُ على الرجالِ..»
منذ نحو 2500 سنة يقول أفلاطون: «كما أنَّ بعضَهُمْ صالحٌ لمنصّـةِ الحكم، هكذا بعضهُنَّ صالحات، وكما أنّ كثيرين منهم يفوقون الكثيرات، فإنّ الكثيرات منهنّ يفقـنَ كثيرين منهم …»
على أثـر الثورة الفرنسية وللمرّة الأولى في التاريخ، صدَرتْ نشرةٌ نسائية سنة 1791 جاء فيها:
إنّ المرأة خُلقَتْ حـرّة ومساوية للرجل في الحقوق، وإذا كان مِـنْ حقّها أنْ تُـرفَع إلى منصّة المشنقة، يكون منْ حقّها أيضاً أنْ تُـرفع إلى منصّةِ الحكم.
وفي الإنتخابات الفرنسية الأخيرة: دورة 2022، أنتُخِبتْ عاملة النظافة من أصـولٍ أفريقية، «راشيل كيكي» نائبةً في البرلمان الفرنسي وعضواً في قصر «بوربون»… عندما تؤمِّـنُ المرأة النظافة، فيما الرجل يتلوَّث بالوسخ، يصبح بعضُهنّ أفضلَ من بعضهم.
وإنْ شئتُم المزيد من التأكيد أُذكِّـر بالجلسة النيابية لمناقشة مشروع الموازنة الأسبوع الفائت، وقد رأيتُ النائبة غادة أيوب تتجلّى على المنبر التشريعي بثقافة سياسية مالية إقتصادية بالغـة التفوّق، ونالتْ من تصفيق النواب ما لـم يكـنْ فيه حـظٌّ للرجال.
وفي أشهر برنامج دولي للمواهب الفنيّـة: 36 إمرأة لبنانية مع رجلٍ واحدٍ تفوّقوا باسم فرقـة «ميّاس» وحصدوا الجائزة العالمية الأولى: تلاحظون..؟ يقال «تفوّقوا» في اللغة العربية بـدل «تفوَّقـنَ»: حتى القواعد العربية، تكرِّس اغتصاب حقوق المرأة.
هذا.. عن النساء، فماذا عن الرجال…؟
ماذا عـن تأليف الحكومة.. وقد بشَّرنا الرئيس المكلَّف: نجيب ميقاتي، أنّـهُ فـور عودته من الخارج سينصرف جسديّاً إلى الداخل، وقد ينامُ في القصر الجمهوري لتحقيق الإنجاز الحكومي العجائبي… هذا إذا لم تكن الأشباح ساهرةً أيضاً في القصر مع أهـل الكهف.
وماذا بعد عن الإستحقاق الرئاسي، والمرشّح الوطني السيادي الخلاصي المنقـذ، وكلُّ الكائنات الحيّـة والجمادية في لبنان باتت تحتاج إلى إنقاذ..
المواطن يحتاج إلى إنقاذ نفسه من الدولة، والدولة تحتاج إلى إنقاذها من الحكم، والحاكم يحتاج إلى إنقاذِ نفسهِ من نفسهِ، والجمادُ المدمّـر يحتاج إنقاذُه إلى بنّائيـن، والحيوان الأخرس يحتاج إلى إنقاذٍ من الحيوان الناطق.
ثـمَّ، هل تفكّكتْ رمـوز «علامة الإستفهام» التي أطلقها فخامة الرئيس: «وأنّ هناك قـراراً سأتّخذه إذا أصروّا على أن «يزركوني»…؟
الرئيس عـون اليوم، ليس الجنرال ميشال عـون الذي كان مكلّفاً رئاسة مجلس الوزراء سنة 1988 حين رفـضَ: وثيقة الطائف، ورفض الإعتراف بانتخاب الرئيس رينـه معوض – وبعد اغتياله – رفض الإعتراف بالرئيس الياس الهرواي وحكومة الرئيس سليم الحص، ورفض الإعتراف بشرعية المجلس النيابي.
الرئيس عـون اليوم رئيس للجمهورية وقد أقسم على: «احترام دستور الأمّـة اللبنانية وقوانينها واستقلال الوطن اللبناني وسلامة أراضيه…»
فإذا أخلَّ بقسَمهِ يكون هو مَـنْ «يـزرك» إستقلال الوطن اللبناني وسلامة أراضيه ودستور الأمـة اللبنانية وقوانينها.
وإذْ ذاك يصـحُّ فينا قـولُ شكسبير: «لا بـدّ في ظـلِّ أيِّ دستور من أن تأكل الحيتانُ السمك».