رهانات «حزب الله» وحلفائه للإستقواء بنتائج معركة حلب لفرض التسوية السياسية لم تأتِ مطابقة للتوقعات
إنتخابات الرئاسة ما تزال رهينة طموحات طهران من الصفقات والتسويات الإقليمية
نيّة مبيّتة ومرسومة من قِبَل حزب الله والنظام السوري للإستقواء بنتائج معركة حلب تحديداً والحرب السورية عموماً لتوظيفها بالداخل اللبناني
هل كانت محاولة ربط نتائج الحرب الدائرة في سوريا وتحديداً معركة حلب الجارية حالياً بين تحالف طهران والأسد وموسكو ضد أطراف المعارضة السورية، بفرض تسوية محسومة لصالح تحالف «حزب الله» والتيار العوني بالداخل اللبناني، كما ظهر ظلك جليّاً على لسان العديد من قادة ومسؤولي الحزب وفي مقدمتهم الأمين العام حسن نصر الله في الأيام الأخيرة صحيحة وفي محلّها؟
لم يكن خافياً على أحد مراهنة «حزب الله» على نتائج معركة حلب باعتبارها محسومة سلفاً لصالح التحالف المذكور إستناداً لمجريات ووقائع الحرب الدائرة هناك في الأسابيع الأخيرة بعد محاصرة المعارضة السورية ومحاولة قطع كل طرق الإمداد عنها وخصوصاً من الحدود التركية وزيادة الضغط عليها بكافة الوسائل العسكرية المتاحة لهذا التحالف ولا سيّما من الجو في ظل الإنشغال التركي بالتصدّي لمحاولة الإنقلاب الفاشل، وبالتزامن مع الإعلان عمّا سمّي بتفاهم مبدئي تمّ التوصل إليه بين وزيري خارجية الولايات المتحدة جون كيري وروسيا سيرغي لافروف مؤخراً في موسكو باستبعاد مسألة إزاحة بشار الأسد من جهود التسوية المبذولة للأزمة السورية والذي تمّ تصويره وكأنه بمثابة تسليم كامل بشروط الطرف الروسي وحلفائه على حساب المعارضة السورية وانكفاء ملحوظ للإدارة الأميركية عن تحقيق التوازن المطلوب في هذه التسوية المفترضة.
ويلاحظ أنه ليست المرة الأولى التي يراهن فيها «حزب الله» على نتائج معركة الإستيلاء على مدينة حلب وانتزاعها من سيطرة المعارضة السورية، لتوظيف هذه النتائج والإستقواء بها لفرض التسوية الملائمة للحزب في الداخل اللبناني وانتخاب رئيس للجمهورية ممّن يدورون في فلك الحزب وينفّذون سياسته ويغضّون النظر عن سلاحه غير الشرعي ومخططاته المرتبطة بتوجهات ومصالح النظام الإيراني دون سواه.
ولم يتردّد الحزب ومسؤولو «التيار العوني» في الإعلان عن رغبتهم هذه في مواقف علنية صدرت عنهم بأكثر من مناسبة في الماضي، وقد ذهب بعضهم إلى القول لخصومهم السياسيين وتحديداً المعارضين لترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية قبل المحاولة السابقة لحسم معركة مدينة حلب «أنه بمجرد دخول أول دبابة للنظام السوري إلى المدينة، ستنعكس هذه النتائج في وصول عون للرئاسة فوراً لأنه لن يكون بإمكان هؤلاء المعارضين الاستمرار في هذا الرفض في ظل الوقائع الجديدة». وهذا يعني أن هناك نيّة مبيّتة ومرسومة من قِبَل الحزب والنظام السوري للإستقواء بنتائج المعركة في حلب تحديداً والحرب السورية عموماً لتوظيفها بالداخل اللبناني لصالحهم ولو اقتضى الأمر للجوء إلى كل وسائل الضغط والترهيب، ولكن كما حصل في المرة السابقة لم تأتِ النتائج هذه المرة حسب رهانات وتوقعات تحالف «حزب الله» و«التيار العوني» بعدما استطاعت المعارضة السورية قلب الوقائع لصالحها عسكرياً وأحبط خصومها وقلب حساباتهم ولو مرحلياً رأساً على عقب، والسؤال المطروح هو هل ما حصل في حلب عسكرياً مؤخراً يؤثر في تسريع حل الأزمة الداخلية اللبنانية وتحديداً اجراء انتخابات رئاسة الجمهورية وفي أي اتجاه محتمل يمكن أن تسلكه الأمور؟
تستبعد مصادر سياسية بارزة أن تؤثر مجريات الأوضاع العسكرية السائدة بسوريا عموماً وحلب تحديداً على حلحلة الأزمة السياسية وتقرب اجراء الانتخابات الرئاسية، لأن هذه المسألة تتجاوز الأطراف الداخليين وكانت منذ البداية رهينة في أيدي النظام الإيراني ومصالحه كما ظهر ذلك جلياً من نتائج الاتصالات والمكاشفات الجديدة التي جرت بين المسؤولين للنظام الإيراني مع الروس والفرنسيين وغيرهم. إلا ان ذلك لا يعني أن ما حصل مؤخراً في حلب لم يرخ بتوازنات جديدة، ليس أقلها إضعاف رهانات تحالف «حزب الله» و«التيار العوني» على نتائج التطورات العسكرية في سوريا للاستقواء فيها باللعبة السياسية الداخلية اللبنانية، كما حصل في الآونة الأخيرة لفرض تسوية لصالحهم، ولكن التهويل والترهيب والاستقواء بالسلاح لن يتوقف، في حين ان حلحلة الأزمة الداخلية اللبنانية لا تزال تنتظر رفع الحظر الإيراني المفروض على انتخابات الرئاسة، وهذا يبدو أنه بانتظار الدخول في بازار التسويات والصفقات الإقليمية التي تسعى طهران للحصول فيها على حصة وازنة من النفوذ فيها ولن يحصل قبل تفاهم الدول الكبرى بخصوصها وتحديداً الولايات المتحدة وروسيا.