IMLebanon

الاستحقاق الرئاسي والملف النووي

هل بات الاستحقاق الرئاسي مفتاح الدولة وديمومتها بعد ان امتد الشلل الى باقي المؤسسات الدستورية؟

وهل يلوح في الافق تحرك جدي لانتخاب رئيس الجمهورية، وماذا حمل الموفدان الفرنسي والفاتيكاني على هذا الصعيد؟

مما لا شك فيه ان حملة المقاطعة، التي فعلت فعلها في شل المجلس النيابي تشريعيا، هي اليوم في صدد تجميد عمل الحكومة حتى اشعار آخر. واذا كان استهداف المجلس قد حصل من باب بدعة «تشريع الضرورة» والخلاف والاعتراض العوني على جدول الاعمال الذي اقره مكتب المجلس ووافق عليه، فان الحكومة تترنح اليوم تحت وطأة عقدة التعيينات الامنية والعسكرية التي حولها التيار الوطني الحر الى «ام المعارك».

ويبدو ان العماد عون قد اخذ قراره تحت شعار «عليّ وعلى اعدائي يا رب»، وهو الشعار الذي يفترض ان لا يمارس اليوم في ظل ما يتهدد لبنان من مخاطر بسبب الحريق الذي يحاصره، ولذلك تقول مصادر نيابية فانه سيمضي في شل عمل الحكومة متسلحا بالصيغة التي ارتقاها الرئيس سلام لحكومته، اي صيغة الوزير الرئيس التي توجب توقيع كل اعضاء مجلس الوزراء على اي قرار يصدر عنه.

ويهدف «الجنرال» بعد ان خطب ود غريمه الدكتور سمير جعجع بهدنة تصالحية الى خوض معركة التعيينات بكل ما هو متاح له، وهي الوجه الاخر لمعركة الرئاسة، فهل يمكن ان يغير خلال هذه المعركة المعادلة والواقع الذي حال دون انتخابه رئيسا حتى الان؟

المعطيات الداخلية والخارجية لا تدل على ان تجميد العمل الحكومي هو الطريق الى الرئاسة، تماما كما ان شل المجلس النيابي ليس هو الطريق ايضا لانجاز الاستحقاق الرئاسي.

كل ما يفعله العماد عون تضيف المصادر، وفعله قبله مسيحيو 14 اذار في المجلس قبل ان يتضامن معهم مؤخرا، لن يؤدي الى فك رموز أحجية الرئاسة، لان الحسم لم يعد في الساحة اللبنانية كما كان في بداية الازمة الرئاسية وصار حكما ينتظر جلاء المشهد في المنطقة او على الاقل بعض المحطات الاساسية.

وحسب ما نشهده وشهدناه منذ اشهر فان الاستحقاق الرئاسي بات يتحكم بمسار الدولة، لا بل صار هو العقدة، والحل في آن معا. لكن المشكلة في مثل هذه الحال ان سياسة التعطيل، اذا ما طال انتظار هذا الاستحقاق، ستتحول الى سياسة تدمير للدولة وكل مرافقها.

من هنا يطرح السؤال اليوم عن الجديد حول ازمة انتخاب رئيس الجمهورية، خصوصا في ضوء زيارة الموفدين الفرنسي والفاتيكاني للبنان.

تقول مصادر مطلعة ان فرص انتخاب رئيس للجمهورية «صناعة لبنانية» تضاءلت عن السابق بنسبة كبيرة، لا بل ان اللبنانيين خسروا فرصة مهمة لتحقيق هذا الاستحقاق لاول مرة منذ فترة طويلة، فعدنا الى دائرة انتظار الخارج كما عبر الرئيس بري امام زواره مؤخرا.

وترى المصادر نفسها ان الكلام عن ملامح سيناريو بعد مصالحة عون وجعجع يقضي بتحسين فرص انتخاب الاول وحجز الرئاسة في المرة الثانية الى الثاني هو مجرد تسريبات وتكهنات اعلامية، اولا لأن مثل هذا الاتفاق لم يحصل بين الرجلين، وثانيا لأن الاتفاق بينهما على هذه الصيغة لا يكفي لتحويله الى صيغة مقبولة ونافذة لبنانياً.

ولذلك، ترى المصادر ان لقاء الرابية، على اهميته ومدلولاته، لم يحسم الخلاف بين الرجلين حول الرئاسة، لا بل لم يتركز على هذا الموضوع الا من باب الموقف المعلن سابقا اي التوافق على انتخاب «رئيس قوي».

وسبق اللقاء المذكور اجتماع نواب 14 آذار المسيحيين في بكركي والهمروجة الاعلامية والسياسية التي خرجوا بها، والتي لم تقدم او تؤخر في المراوحة القاتلة للاستحقاق الرئاسي، لا بل كشفت عجز المسيحيين في التوافق على شخص الرئيس.

من هنا ترى المصادر ان الابواب الداخلية المؤدية الى قصر بعبدا لا تزال موصدة، وان الوقائع الاخيرة غير مؤثرة جديا على حسم هذا الاستحقاق.

اما على صعيد المساعي الخارجية فيقول مصدر موثوق مطلع ان الموفد الرئاسي الفرنسي فرانسوا جيرو لم يحمل اي جديد في شأن انتخاب رئيس الجمهورية، لا بل ان الانطباع بعد الاستماع له بأن هذا الموضوع مؤجل بحكم حالة الترقب والحذر التي تسيطر على المنطقة بانتظار حسم توقيع الاتفاق حول الملف النووي الايراني.

وحسب معلومات المصدر فإن جيرو سأل حول بعض المعطيات والتحركات الداخلية اللبنانية الاخيرة ومنها لقاء الرابية وما يمكن ان ينتج عنه على صعيد الازمة الرئاسية.

اما الموفد الفاتيكاني الذي سبقه بأيام فكان اكثر اهتماما في بعض التفاصيل المتصلة بالاستحقاق الرئاسي، مبدياً في الوقت نفسه حماساً لبذل المزيد من الجهد في اطار المساعدة على انتخاب الرئيس اللبناني في اقرب فرصة ممكنة.