Site icon IMLebanon

الإستحقاق الرئاسي إلى أشهر إضافية…

تؤكّد المعطيات والتداعيات التي نجَمت من «التسوية الرئاسية»، أنّ ما تبقّى من السنة الجارية سينقضي ولن يكون للبلاد رئيس جمهورية جديد، وأنّ هذه السنة ستُلقي بأثقالها وأحمالها على السنة الجديدة التي يُنتظر أن تكون حبلى بالأحداث والتطورات لبنانياً وإقليمياً.

يقول معنيون بالاستحقاق الرئاسي إنّه على ما سينتهي إليه الموقف بين رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، سيتحدّد مصير التسوية الرئاسية التي طرحها الرئيس سعد الحريري مع الأخير في لقائهما الباريسي الشهير.

ويَعتقد هؤلاء المعنيون أنّ اللقاء الاخير الذي انعقَد في الرابية بين عون وفرنجية لم ينتهِ الى توافق، فلا الأوّل تراجَع عن ترشيحه، ولا الثاني تراجَع عن «التسوية الحريرية» التي ترشّحه لرئاسة الجمهورية مقابل تولّي الحريري رئاسة الحكومة.

ولكن، على حدّ ما وزّعه إعلام «التيار الوطني الحر» فإنّ لقاءات أخرى ستُعقد لاحقاً بين الرجُلين من دون ان تحدّد مواعيدها، فيما لم يصدر عن إعلام تيار «المردة» أيّ تأكيد لهذا الامر أو نفي له، بل رُصِد تشنّج سياسي في صفوف «المرديّين» إزاء «العونيين». علماً أنّ ما رشَح من هذا اللقاء أنّه كان مكفهرّاً من بدايته وحتى نهايته، وجاءت الطروحات خلاله متناقضة.

لكنّ اللقاء الذي انعقد لساعات أمس الأوّل بين الامين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله وفرنجية، يُفترض أن يكون قد وضع النقاط على الحروف في موضوع التسوية الرئاسية، حيث إنّ الحزب تعاطى بهدوء معها منذ البداية واعتبَرها «جدّية»، قبل أن يبحث في أبعادها وخلفياتها، ولكنّه لم يَحِد قيدَ أنملة عن دعمه لترشيح حليفه عون، وكذلك لم يحِد في المقابل قيد أنملة عن حليفه فرنجية، على رغم التصدّع الكبير الذي أحدثته مبادرة الحريري

في العلاقة بين الرابية وبنشعي، فالحزب تصرّفَ ولا يزال على قاعدة حفظ الحليفين من دون تفضيل أحدهما على الآخر، ولكنّه لم يخرج عن جادّة دعم عون في ترشيحه للرئاسة إلتزاماً للتحالف القائم بينهما، مبدياً الاستعداد للسير مع عون في أيّ خيار يتّخذه، سواءٌ استمرّ في ترشيحه أو ذهبَ الى خيارات أخرى.

وعلى ضآلة المعلومات التي رشَحت عمّا دار في اللقاء بين السيّد نصرالله وفرنجية، فإنّ بعض المطّلعين تحدّث عن أنّ هذا اللقاء كان إيجابياً وتخلّله غسلُ قلوب وصراحة، خصوصاً أنّ أوساط تيار «المردة» راحت تلوم الحزب على عدم تأييد مبادرة الحريري لاعتقادها بأن لا جدوى من الاستمرار في دعم ترشيح عون، لأن لا حظوظ له بالفوز، في رأيها. وأشار هؤلاء المطلعون الى أنّ اللقاء وضع الامور في نصابها ضمن السياق العام لمسار الاوضاع واستحقاقاتها الراهنة والمستقبلية.

ويقول المطلعون أنفسُهم إنّ التسوية طويَت وإنّ البلاد تتّجه الى مرحلة جديدة سيتأجّل معها البحث في الاستحقاق الرئاسي الى فترة طويلة، في وقتٍ رشَح من أجواء القيادة السورية التي تَربطها بفرنجية علاقة تاريخية وثيقة، أنّها تنظر بارتياب الى التسوية ولكنّها تترك لحلفائها أمرَ حسم الخيارات في شأنها.

وفي غضون ذلك، فإنّ الحركة الداخلية ستتراجع على جبهة الاستحقاق الرئاسي في قابل الأيام والأسابيع المقبلة، ويقول معنيّون بالاستحقاق إنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري يتصرّف على أساس أنّه قال ما لديه في هذا المضمار، وأنّ موضوع التسوية المطروحة يتوقف على عون وفرنجية، وسط تساؤل يطرَحه كثيرون عمّا ستتّخذه البطريركية المارونية من مواقف وكذلك من خطوات على مستوى التعاطي مع القيادات المارونية عموماً،

ولا سيّما منها الأقطاب الموارنة الاربعة، أي عون وفرنجية والرئيس أمين الجميّل ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، الذين اجتمعوا منذ وقت طويل في بكركي وقرّروا أن يكون الرئيس العتيد واحداً منهم في حال حظيَ بالتوافق الوطني المطلوب، في اعتبار أنّهم الأكثر حيثية مسيحياً من بقيّة المرشّحين.

وحسب هؤلاء المعينين فإنّ طاولة الحوار بين قادة الكتل النيابية التي أربِكت بفعل «التسوية الحريرية»، لن تقارب موضوع الرئاسة في جلستها المقبلة، فهي كانت أقرّت في جلساتها السابقة التي انعقدت في ساحة النجمة وعين التينة، المواصفات الواجب توفّرُها بالرئيس العتيد، وجاءت مبادرة الحريري وما أحدثته من تداعيات وتردّدات في فضاء الاستحقاق الرئاسي، لتفرضَ ما يشبه حالَ انتظار لِما ستؤول إليه هذه التداعيات وانعكاساتها على مصير الاستحقاق.

ولذلك يؤكد المعنيون أنفسُهم أنّ المتحاورين سيذهبون في جلستهم المقبلة في موضوع تفعيل عمل الحكومة وتمكين مجلس الوزراء من العودة إلى الانعقاد في جلساته الأسبوعية وحيث تدعو الحاجة، بما يساعد على تفعيل العمل التشريعي في المجلس النيابي حتى لا تبقى الجلسة التشريعية الأخيرة التي عقَدها يتيمة، لأنّ تعطيل التشريع بذريعة عدم وجود رئيس جمهورية أمرٌ يخالف الدستور والقوانين المرعيّة الإجراء.