بعد تمسّك «حزب الله» بعون مرشحاً منفرداً ورفض فرنجية الانسحاب
الإستحقاق الرئاسي إلى مزيد من التعقيد والإرباك.. ولا أفق للتسوية
بعدما استقرت المعادلة على النائب ميشال عون مرشحاً وحيداً لرئاسة الجمهورية، فإما أن يُجمع النواب على انتخابه، أو لا رئيس للجمهورية في لبنان، على ما قاله الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، في إطلالته التلفزيونية الأخيرة التي خصصها للشأن الرئاسي، فإنه يمكن القول إن لا معطيات عملية توحي بإمكانية فك أسر الاستحقاق الرئاسي في وقت قريب، لا بل إن المؤشرات تؤكد أن الأمور أصبحت على درجة كبيرة من التعقيد، بعدما بدا أن «حزب الله» لن يقبل بانتخاب أحد غير رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» رئيساً، وإن أبدى ترحيبه بترشح حليفه الآخر النائب سليمان فرنجية رئيس «تيار المردة» للرئاسة، لكنه لم يبد استعداداً للضغط على الثاني من أجل الانسحاب للأول، وهذا بالتأكيد يضيق الخيارات في ما يتصل بالانتخابات الرئاسية ويقفل الأبواب في الشأن الرئاسي، طالما استمرت هذه المعادلة وكان رفض من جانب «حزب الله» لتأمين نصاب جلسة الانتخاب والقبول بنتائجها، بالرغم من أن المرشحين الأساسيين للرئاسة الأولى من فريق «8 آذار»، ما يطرح الكثير من التساؤلات عن مدى جدية «حزب الله» وبعض حلفائه في إجراء الانتخابات الرئاسية لملء الشغور وإعادة تفعيل عمل المؤسسات. وهذا إن دلّ على شيء، فإنما يدل على أن لا قرار جدياً بحصول الاستحقاق الرئاسي في وقت قريب، طالما أن هناك إصراراً على الاستمرار في كسر نصاب جلسات الانتخاب، في إطار محاولات الضغط على النواب والقوى السياسية لـ«تعيين» عون رئيساً وليس انتخابه.
وفي مقابل تمسك «حزب الله» بالنائب عون مرشحاً أول ورفض النائب فرنجية الانسحاب لرئيس «التغيير والإصلاح»، فإن الملف الرئاسي وكما ترى أوساط نيابية بارزة في قوى «14 آذار» ذاهب إلى مزيد من التعقيد والإرباك، ما سيزيد من حجم العقبات والعراقيل أمام أي تسوية مرتقبة على هذا الصعيد، بعدما بدا أن الحزب ليس مستعجلاً على مثل هكذا تسوية، لأنه لا يرى أن ظروف إجراء الانتخابات الرئاسية قد نضجت، بانتظار حدوث تطورات إقليمية من شأنها أن تغيّر في الوقائع الحالية، ما يعني أن الشغور الرئاسي مرشح بقوة لدخول عامه الثالث في الأشهر القليلة المقبلة، باعتبار أن لا مؤشرات حسية تدل على أن الفرج آت، لا بل على العكس، فإن الصورة باتت أكثر ضبابية، في وقت كان مؤيدو «تفاهم معراب» بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» يميلون إلى الاعتقاد بأن هذا التفاهم سيعطي دفعاً قوياً لانتخاب النائب عون رئيساً للجمهورية، لكن تبين أن من بيدهم القرار ما زالوا مصرين على إبقاء الشغور قائماً مع ما يتركه من انعكاسات سلبية على عمل المؤسسات الدستورية وعلى مصالح اللبنانيين.
وتسأل الأوساط «حزب الله» الذي ينفي أي دور لإيران في عرقلة الانتخابات الرئاسية عن أسباب رفضه تأمين نصاب جلسة الانتخاب الرئاسي وإصراره على انتخاب النائب عون وحده، ولماذا لا يقبل بمنافسة ديموقراطية بينه وبين النائب فرنجية، طالما أن الرئيس المنتخب سيكون في الحالتين من «8 آذار»؟ ولذلك فإن الوقائع المتصلة بالملف الرئاسي، تشي باستمرار هذا الوضع على ما هو عليه، طالما أن «حزب الله» ليس في وارد تغيير موقفه وفك أسر الرئاسة، في وقت لا يبدو أن «تيار المستقبل» على استعداد للتخلي عن ترشيح النائب فرنجية والقبول بعون الذي فشلت المفاوضات السابقة التي جرت معه لانتخابه، بالرغم من عودة الحوار بينه وبين الرئيس الحريري عبر موفدين، ما يؤكد أن الأمور بحاجة إلى مزيد من المشاورات واللقاءات، حتى يتوفر الغطاء الإقليمي المطلوب الذي يسمح للأطراف المحلية المعرقلة، أن تبادر إلى تغيير موقفها فعلاً وتسهيل عملية الانتخاب.
وتشير الأوساط إلى أن الرئيس الحريري سيعيد التأكيد في مناسبة 14 شباط على دعم ترشيح فرنجية، للخروج من حالة الشلل التي تهدد المؤسسات، مع انفتاحه على أي خيار آخر يصب في مصلحة إنهاء الشغور وإخراج لبنان من أزمته، انطلاقاً من حرصه على أن انتخاب رئيس جديد للجمهورية، سيعيد التوازن إلى عمل المؤسسات ويطلق دينامية جديدة تعزز قنوات الحوار بين المكونات السياسية لتجاوز المشكلات القائمة، بالتوازي مع التأكيد على وحدة «14 آذار» وثباتها على مبادئها الأساسية، بالرغم من التباينات القائمة بين بعض مكوناتها.