Site icon IMLebanon

الاستحقاق الرئاسي.. والدوران في حلقة الخيارات المفرغة؟!  

قد يكون من الصعوبة بمكان التسليم بأن عدم اكتمال عقد نصاب الجلسة النيابية المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية هو السبب الوحيد لاستمرار الشغور في سدة رئاسة الجمهورية، وقد دخل لبنان في الخامس والعشرين من ايار الماضي عامه الثالث على التوالي في ظل الشغور الرئاسي الذي طال، أكثر كثيراً مما كان يتوقع عديدون..

عدم اكتمال النصاب نتيجة وسبب في آن.. فهو نتيجة لعدم التوافق على هوية الرئيس ومواصفاته وتمسك كل فريق من الافرقاء المعنيين بخياراته (ان كان عنده من خيارات) خصوصاً ان ميدان »سباق خيل« الرئاسات بات محصوراً باثنين، العماد ميشال عون، والنائب سليمان فرنجية، وهما يدركان ان خريطة توزيع القوى والمعطيات الدولية والاقليمية ليست مؤهلة لرفع العارضة من طريق أي منهما.. خصوصاً أكثر، ان تبني ترشيح فرنجية من قبل الرئيس سعد الحريري ترك مضاعفات سلبية لدى بعض ما كان محسوباً عليه (اللواء اشرف ريفي مثلاً)، ودفعه الى خيارات يقرأها البعض أنها في غير صالح »المستقبل«، أقله في المدى المنظور.

وإذ كان الجميع يسألون عن الدور الذي يقوم به »حزب الله« من أجل تعزيز حظوظ مرشحه العماد عون، فإن انضمام رئيس »القوات اللبنانية« (المرشح السابق) سمير جعجع الى معسكر المؤيدين لجنرال الرابية قلب المعادلة، أقله في الشكل، حيث أثير العديد من الأسئلة والتساؤلات حول ماذا قدم جعجع لعون؟!

لوقت سابق، كان عديدون يعتقدون، بل يذهبون الى حد التأكيد ان »لقاء معراب«، وما صدر عنه، لجهة سحب جعجع ترشحه لرئاسة الجمهورية لصالح الجنرال عون، شكل مناسبة غير مسبوقة لفتح »قنوات التواصل« مع العديد من الافرقاء من الذين يعتقد ان جعجع يؤثر و»يمون عليهم..« لكن شيئاً من ذلك لم يحصل وتصرف جعجع، كما »حزب الله«، بقي موضع تساؤلات، حول جدية تبني ترشيح عون، أم ان »وراء الأكمة ما وراءها..«؟! لاسيما وان »المحافل الدولية« لم تظهر كفاية دعوتها، معززة باجراءات، من أجل اجراء هذا الاستحقاق؟!

لم يفعل »لقاء معراب« فعله، وكما كان يتوقع كثيرون ويرحبون.. وإذ تمسك »حزب الله« بالتزامه الأدبي والأخلاقي والأخلاقي – السياسي« باعتماد الجنرال عون مرشحاً لرئاسة الجمهورية، فإنه وفي المقابل، فإن المعابر الموصلة الى بعبدا، عن غير طريق الضاحية، لاتزال مقفلة، وهي غير سالكة، وغير آمنة، خصوصاً بعدما أقدم الرئيس سعد الحريري على خطوته ترشيح فرنجية..

جاءت الانتخابات البلدية والاختيارية، لتحدث »خلطة غير مسبوقة« لم ينج منها كثيرون.. و»لقاء معراب«، وتحالف قطبيه (الذي تعرّض لبعض الخروقات)، زاد من نسبة الشكوك في أهلية هذا »التحالف الثنائي« في الوصول الى المرتجى، تماماً كما حصل مع الفريق الآخر، الذي بات محرجاً أمام »جمهوره« وقد ذهب اللواء أشرف ريفي في خياراته بعيداً، ومعه عدد من كادرات »المستقبل«..

لقد اثار ترشيح النائب فرنجية سيلاً من الأسئلة والتساؤلات، وهو المعروف بهويته السياسية والتزاماته المتمسك بها حتى النهاية.. ومع ذلك، فإن مصادر مطلعة على أدق التفاصيل، تؤكد ان ترشيح فرنجية لم يأتِ عفواً، او نكاية، كما لم يأت من فراغ، بل جاء نتاج حراك داخلي ممزوج بحراك خارجي متعدد، حظي بتأييد القيادة الفرنسية، التي وصلت الى حائط مسدود، على رغم الأحاديث عن تجدد المبادرات التي دأب الفرنسيون على تسريبها عبر الاعلام، وعبر بعض قنوات الاتصال..

لم يستطع الجنرال عون ان يفعل شيئاً يزيد من حظوظ وصوله الى سدة الرئاسة الأولى، وهو الحلم الذي لا يفارقه، على رغم الدعم والتأييد من فريقين بارزين، »حزب الله« و»القوات اللبنانية«.. ولا النائب فرنجية الذي يحظى بدعم الرئيس سعد الحريري والرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط..

كان البعض يراهن على دور مطلوب من فرنسا في استخدام ما أمكن لها من تأثير على ايران لتسهيل انجاز الاستحقاق الرئاسي في لبنان، وهي التي تعتبر »المرجعية الروحية والسياسية« لـ»حزب الله« في لبنان، لكن النتيجة لم تكن مرضية، وقد غسلت القيادة الايرانية يديها، بحجة ان »الاستحقاق لبناني، وان اللبنانيين هم المعنيون بانجازه، وان ايران لا تملك حق الضغط على أصدقائها وحلفائها..« وقد تعزز هذا الموقف، مع تصاعد جملة الاجراءات العقابية ضد الحزب على المستويين الدولي والعربي..

إلى وقت سابق، كانت الكرة في ملعب قوى 8 آذار.. بعد التطورات الأخيرة، لاسيما بعد الانتخابات البلدية، بات من الصعب حصر المسؤولية في فريق دون الاخر.. وقد تولدت قناعات لدى عديدين، »ان ما بعد الانتخابات البلدية، ليس كما قبلها..« وان من دون انجاز قانون للانتخابات النيابية يحظى ببركة قوى نافذة، من كلا فريقي 8 و14 آذار، وضمان حصول الانتخابات النيابية قبل او بعد انتخاب الرئيس، فإن الشغور الرئاسي سيبقى سيد الموقف.. ولن تكون جلسات الحوار، »الثنائي« منها، والوطني الشامل، سوى دوران في حلقة مفرغة، او على الأقل مناسبة »لتنفيس الاحتقانات« وعدم أقفال أبواب تواصل البعض في وجه البعض الآخر.. على رغم ان البعض يتمسك بمقوله: »الأقوى في طائفته يبقى هو الأكثر أهلية للوصول الى رئاسة الجمهورية..« هذا مع الاشارة الى ان الرئاسة لبنانية وليست مارونية او سنية او شيعية وتبقى العبرة مع الأيام الآتية..