اذا كان لا بد من انتخاب رئيس للجمهورية، فالذين يحددون موعدا لجلسات الانتخاب لم يعودوا مقتنعين بأن تكرار الدعوده يفي بالغرض، لاسيما ان هناك من يصر على رفض الاستحقاق جملة وتفصيلا، طالما انه لا ينسجم مع مصالحه الى درجة افتعال مشكلة للقول ان الانتخابات لم تعد واردة في ذهن احد، وليست اولوية قياسا على التوتير المفتعل تارة لان الحال السورية هي المقصودة من التعقيد، وتارة اخرى لان هناك من يرى ان من واجبه اثارة العلاقة مع المملكة العربية السعودية التي تتهم بأنها تنفذ قوانينها على من يخرج عليها، مثل الذي حصل مع الشيخ نمر النمر لانه زادها في حملاته على النظام؟!
ان انتقاد المملكة العربية السعودية على خلفية بعض الاعدامات على ارضها لا يقاس بانتقاد الجمهورية الاسلامية في ايران من غير ان يعني ذلك ان ايران في رفضها ما يحصل مع شيعة السعودية يؤكد انها على حق حتى وان كان السعوديون لم يتطرقوا يوما الى الاعدامات في ايران من غير حاجة الى تحديد خلفيتها المذهبية، لاسيما انها ارتفعت اخيرا الى ما يشبه المجازر المنظمة قياسا على ما حصل ويحصل في السعودية، مع فارق عددي يتجاوز حدود العقل عندما يقال ان الذين يعدمون في ايران عن غير حق لمجرد ان اعدادهم تتخطى ما يتردد من ارقام!
ان مشكلة لبنان في هذا السياق ان ثمة من يهمه ان تتصرف الانظمة التي لها علاقة بأمور لبنان من منظار المصالح الخاصة التي يفهم منها انها ضد مصلحة لبنان بدليل ما حصل اخيرا من فعل ورد فعل سياسي واعلامي – كلامي حدد بمزيد من التوتر على الساحة الداخلية، ليس لان حزب الله على خطأ بل لان الحزب عندما يدافع عن ايران لا يرى سوى مصلحة ايران من غير حاجة الى من يرى مصلحة للبنان في كل ما تقدم، لاسيما ان انتقاد السعودية الذي درجت ايران وحزب الله عليه ليس من يرى فيه مصلحة لبنانية بعكس كل ما يقال من تعابير؟!
واذا كان لا بد من انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان فان الحال السلبية التي تطورت اليه العلاقة الايرانية – السعودية تعود الى تطور العلاقة بين حزب الله وغيره من اللبنانيين الذين تهمهم مصلحة ايران من غير حاجة الى القول ان من الواجب معرفة اين مصلحة لبنان في الاتهامات التي وجهت الى المملكة العربية السعودية، بعدما اثبتت التجارب ان ايران هي التي اثارت غبار مشكلة سياسية – ديبلوماسية القصد منها التعتيم على مشاكلها الداخلية والخارجية وعلى اساس تصرف السعوديين بما تنص عليه انظمتهم وقوانينهم من غير حاجة الى انتظار ما تقوله ايران بما لا ينسجم مع المصلحة السعودية؟!
المهم في هذا الصدد ان حزب الله قد كسر الجرة في نظرته الى الانتخابات الرئاسية حيث لم يعد يرغب بانتخاب رئيس والامر عينه ينطبق على تصرف قوى 8 اذار بزعامة من لا مجال لان يصل الى بعبدا مهما اختلفت الاعتبارات السياسية والمقصود هنا هو رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد المتقاعد ميشال عون الذين يهمه اولا واخيرا ان يبقى وحيد زمانه في الترشح للرئاسة وفي التطلع الى ان يكون رئيسا من دون سواه حتى ولو اقتضى الامر نسف الاستحقاق الدستوري من جذوره (….)
يبقى القول ان الامور الرئاسية اللبنانية ستبقى عالقة على امل تقديم ما ترغب فيه ايران لابقاء الحال الداخلية على توترها على رغم كل ما تسعى اليه كتلة المستقبل لتجنب حصول المزيد من التوتير لان ذلك في غير مصلحة لبنان بما في ذلك ليس من مصلحة الموارنة ممن يسايرون حزب الله على حساب مصالحهم الخاصة (…)
واللافت في هذا الخصوص ان اخر جلسة انتخابية شهدت تراجعا ملحوظا في الحضور النيابي الى مجلس النواب وكأن القصد افهام بعض المرشحين ان لا مصلحة لهم في استمرار ترشحهم طالما ان الترشح قد اصطدم بحال من رفض مبادرة الرئيس سعد الحريري الذي اقترح ترشيح النائب سليمان فرنجية على اساس اجراء الانتخابات ما ادى بالخطوة الى سوء تفاهم بين قوى 14 اذار. لكن التضحية بالعلاقة لم تكن افضل من البحث عن مصلحة لبنان العليا.
ومن الان الى حين بلورة الصورة الرئاسية، تبدو الامور سائرة باتجاه المزيد من التعقيد. لا سيما ان قوى 8 اذار لا ترى حلا ابعد من وجهة نظر حزب الله الذي يتحكم بالقرار الشيعي ليس الا وهذا الشيء محكوم بموقف يصب في مصلحة ايران قبل اية مصلحة اخرى؟!