يبدو واضحاً أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، قد أطلق حركةً بالغة الأهمية، نهاية الأسبوع الماضي، من خلال مواقفه العالية السقف التي رسمت ملامح مرحلةً جديدة على مستوى الإستحقاق الرئاسي، بمعزل عن موجة الردود التي سُجّلت على أكثر من مستوى سياسي ونيابي، وتحديداً على صعيد الكتل المسيحية المعارضة، تزامناً مع تراجع وتيرة المواجهة مع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، بينما لم تنقطع خطوط التواصل مع “القوات اللبنانية”، وفق مصادر نيابية مطلعة، وذلك وعلى الرغم من البيانات “التصعيدية” الأخيرة، إذ كشفت أن الخلافات السياسية بين عين التينة ومعراب، لم تمنع نائباً ورئيس لجنة نيابية من أن يلعب دور همزة الوصل بين الطرفين، في هذه الظروف الصعبة.
وتشير المصادر إلى تطورات مرتقبة في الأيام المقبلة، في حال نجحت الإتصالات الجارية بعيداً عن الأضواء في الداخل والخارج، حيث ثمة من بدأ يتحدث عن مرشّح ثالث للخروج من الإصطفافات الحالية، ومن واقع تمترس الفريقين السياسيين المتنازعين في مواقعهما، والتمسّك بمرشحهما دون أي تنازلات أو تراجع لتسيير أي صيغة للحل.
وعلى الرغم من أن المناخ العام لا يُنبىء بأية تطورات إيجابية على هذا الصعيد، فإن هذه المصادر النيابية نفسها، ترى أن بكركي متمسّكة بحوارٍ قد يؤدي في نهاية المطاف إلى حسم الموقف بين القيادات المسيحية، وإن كانت حظوظ اللقاء النيابي الموسع في الصرح البطريركي غير مرتفعة. وتُضيف المصادر أن عنوان هذه المبادرة يتمحور حول الحرص على إبقاء خطوط الحوار مفتوحة مع الجميع، إضافةً إلى أن ثمة قناعة وإدراكاً من قبل بكركي كما المرجعيات الروحية كافةً، بأن المسألة تحتاج إلى تسوية للخروج من هذا المستنقع، في ظل إقفال أبواب الحوار بين المكوّنات السياسية والحزبية.
ولذا فإن الوضع السياسي وبشكلٍ خاص على الساحة المسيحية اليوم، بات معلّقاً على تطور محادثات المطران أنطوان بونجم، الذي لم يعلن حتى الساعة موقفاً نهائياً أو نتيجةً لكل الإجتماعات التي عقدها مع مسؤولين، وكانت سبقتها لقاءات للبطريرك بشارة الراعي مع القيادات المسيحية السياسية والحزبية.
وبينما يدرك المعنيون بهذا الحراك على الساحة المسيحية، بأن احتمال التوصل إلى انفراجات ما زال ضئيلاً، إلاّ أن المصادر النيابية تتحدث عن أن البديل عن أي تفاهم يبدأ على الساحة المسيحية ثم ينتقل إلى الساحة الوطنية، هو الاتجاه إلى مرحلة جديدة من التأزم، وبالتالي المزيد من التصلب والتجاذب السياسي.
وعليه، فإن المشهد الرئاسي قد تغير وبدأت الأوساط المحلية تتداول معلومات حول الإستحقاق الرئاسي، في ضوء الخلاصات التي خرج بها المسؤولون الذين اجتمعوا في الأسبوع الماضي بالسفيرتين الأميركية دوروثي شيا والفرنسية آن غريو، ومن شأن هذه المعلومات التي بقيت طي الكتمان، كما تقول المصادر النيابية نفسها، أن تُخرج الأمور من رتابتها، وتسمح بالإنتقال إلى مرحلة جديدة وإلى طرح انتخاب مرشح ثالث بات اسمه في حوزة المعنيين، ومن الطبيعي لدى الدول الخمس التي تعمل على خطّ الرئاسة وإنهاء الشغور