Site icon IMLebanon

العروض مردودة والـ»ديل» مؤجّل

 

 

مع انّ الدخان المُنبعث من غزة يغطي المساحة الممتدة من لبنان حتى اليمن مروراً بكل ساحات الاشتباك المتشابكة، الّا انّ هناك في الداخل والخارج من لا يزال يأمل، عن حسن او سوء نية، في تحييد لبنان عن المواجهة ومعالجة واقع الحدود، او سواه من القضايا الكبرى، بمعزل عمّا يدور في الجوار المُلتهب.

لكن صار واضحاً انّ المسعى الأميركي – الاوروبي تحديداً لعزل لبنان عن حرب غزة وما أشعلته من حرائق في المنطقة، هو متعثّر ومبتور ومن الصعب أن يصل إلى مكان متقدم. وبالتالي، فإنّ العروض التي يحملها الموفدون الدوليون الى بيروت تبدو مردودة في الشكل قبل تشريح تفاصيلها المسكونة بالشياطين.

وقد ثبت بعد مرور أكثر من أربعة أشهر على بدء العدوان الاسرائيلي انه من المتعذّر الفصل بين جبهة الجنوب ومعركة غزة على رغم كل المحاولات الخارجية المبذولة في هذا الاتجاه، والتي تتخذ شكل تهديد لبنان بالحرب الواسعة تارة، والتلويح له بالجزرة الاقتصادية طوراً.
ويحرص «حزب الله»، الذي يشكّل حجر الزاوية في محور المقاومة المساند لغزة، على تفادي إعطاء اي إشارة الى انه قد يكون في وارد التراجع او التنازل عن معادلة «ربط المسارين»، مهما اشتد الضغط عليه، كما جزمَ أمينه العام السيد حسن نصرالله في خطابه امس.
وبناء عليه، لا يزال الحزب يردّ على المبادرات الغربية بـ«الدفوع الشكلية» اولاً، معتبراً انّ كل طرح يتصل بالتهدئة على الحدود الجنوبية قبل وقف إطلاق النار في غزة هو خارج النقاش ومرفوض من حيث المبدأ.
وحتى الاستحقاق الرئاسي يتعذّر فصله عمليّاً عن مآلات غزة، وفق المواكبين، وإن كان أيّ من الأطراف لا يُجاهر علناً بهذا الربط الذي تكرّسه الجغرافيا السياسية والتوازنات المتداخلة من الإقليم الى لبنان. ويكفي ان تكون دول اللجنة الخماسية، من عربية وغربية، هي الراعية الرسمية لهذا الاستحقاق حتى تتأكد صعوبة تحريره من المؤثرات الخارجية، ولَبننته بين ليلة وضحاها، خصوصاً في هذا التوقيت الذي وصلت فيه التعقيدات والنزاعات الإقليمية الى أوجها.
وبهذا المعنى، فإنّ شخصية سياسية جالت أخيراً في الخارج على بعض مراكز القرار الدولي، عادت بانطباعٍ مفاده أنّ مساعي إنتاج رئيس الجمهورية في هذه المرحلة الانتقالية هي لـ«التسالي» فقط. وبالتالي، لا بد من انتظار معالم التسوية الاشمل، ليُبنى على الشيء مقتضاه.

وبات لدى هذه الشخصية اقتناع، ربطاً بما جمعته من خيوط في الدوائر الخارجية، بأنّ التفاهم على انتخاب الرئيس اللبناني سيأتي على الارجح ضمن «ديل» أوسَع يَلحظ بشكلٍ او بآخر وضع الجنوب وحوافز اقتصادية تندرج في إطار «فتح الشهية» على التسوية، من دون أن تكون هناك حُكماً مقايضة بالمفهوم المباشر.
ووفق تلك الشخصية، فإنّ الجانب الأميركي وحده هو القادر بنفوذه ودوره على الدفع نحو إنجاز مثل هذا الاتفاق عندما يحين أوانه وتنضج ظروفه، وليس الطرف الفرنسي او غيره.
وتشير الشخصية نفسها إلى أن الثنائي «حزب الله» وحركة «أمل» سيكون الطرف الآخر في التسوية المفترضة، حين يصبح مستعداً لها، وحتى ذلك الحين من المستبعد ان يُسفر تحرك سفراء الخماسية في بيروت عن نتيجة ايجابية قريباً.