عشية دخول الاستحقاق الرئاسي مدار عطلة الاعياد، لم يتم بعد الانتقال إلى مرحلة حسم سيناريوهات جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المرتقبة في التاسع من كانون الثاني المقبل، في ظل ارتفاع عدد المرشحين الرئاسيين المتداولين بشكل لافت خلال الأيام الماضية. وفي ظل الحيوية التي تطبع مشهد الحراك الرئاسي، يتحدث المستشار القانوني في الاتحاد الأوروبي الدكتور محيي الدين الشحيمي، عن دينامية واضحة لسفراء اللجنة الخماسية، الذين يواصلون التواصل مع كل الكتل النيابية، من أجل تعزيز مجالات التلاقي من أجل انتخاب رئيس الجمهورية في الجلسة الانتخابية المرتقبة”.
وفي حديثٍ لـ”الديار”، يشدد الدكتور الشحيمي على أن “دول الخماسية أو مجموعة الدول الصديقة للبنان، لم توقف يوماً نشاطها على خطّ الاستحقاق الرئاسي، وإن كان هذا الحراك يحصل سابقاً في الكواليس، كون الظروف في الآونة الأخيرة قد فرضت ذلك”. ولذلك، يشير الشحيمي إلى أنه “وعلى الرغم من أولوية انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان، إلا أن الظروف قد فرضت نفسها على روزنامة تحرك اللجنة الخماسية، خصوصاً خلال الحرب، وذلك بعدما أصبحت الخماسية جزءاً من معركة عودة الاستقرار إلى لبنان، وأوصلت إلى اتفاق وقف إطلاق النار”.
أمّا عن أولوية اللجنة “الخماسية”، فيوضح الشحيمي إلى “أنها كانت على الدوام، تتمحور حول الوصول للهدف الأساسي وهو انتخاب رئيس الجمهورية، ولهذا الهدف طالبت بفصل لبنان عن المعركة في فلسطين المحتلة، على اعتبار أن ربط لبنان بأزمات المنطقة قد عطل الإستحقاق الرئاسي على مدى العامين الماضيين”.
ومن هنا، يعتبر الشحيمي أن “الخماسية تعمل وتدعم الحراك اللبناني الداخلي، وبالتالي فهي تضع نفسها في الصف الثاني، عبر دعم توافق اللبنانيين، وتؤيده وتحصّنه دولياً من أجل تأمين تعاون المجتمع الدولي مع لبنان، خصوصاً وأن الملف اللبناني يرتدي طابعاً مهماً عند دول الخماسية على الصعيدين العربي والدولي”.
ورداً على سؤال عن تطورات حراك “الخماسية” اليوم، وما إذا كانت قد وصلت إلى أي نتيجة إيجابية، يحذر الشحيمي من “عدم التعاطي المحلي مع كل التطورات والأحداث في المنطقة، وخصوصاً في سوريا، حيث يرى أن مقاربتها ومقاربة الملف الرئاسي وفق طريقة التعاطي السابقة، ومن خلال الذهنية القديمة وعدم إنجاز الإستحقاق، سيجعل لبنان في موقع أكثر صعوبة من كل المراحل السابقة، وسيؤدي إلى تحويل لبنان إلى موقع المتلقي للأحداث التي ستحصل، والتي قد تسبقه كما كانت الحال في سوريا حيث سبقت الأحداث كل القوى السياسية اللبنانية وفاجأتها”.
وعن هذه المقاربة، يؤكد الشحيمي أنها “تقوم على تطبيق الدستور والقرارات الدولية والتماشي مع اتجاهات المجتمع الدولي للوصول إلى الاستقرار على كل المستويات، والخروج من أي حالة منفردة مفرطة يدفع ثمنها اللبنانيون”.
وحول الإنعكاسات الإيجابية والسلبية لهذه التطورات، يشير الشحيمي إلى أنه “على لبنان أن يستفيد من الإيجابية بأن يستثمر الأمور بطريقة محتكمة للديمقراطية والتنوع والشفافية، بينما الإنعكاسات السلبية، فهي ستسجل إذا استمر النهج السابق في تضييع الفرص، لأن لبنان يمر الآن بمرحلة استثنائية وجديدة تختلف عن السابق وتتطلب طريقة تفكير مختلفة وجديدة، وطريقة تطبيق إستثنائية، وبالتالي الخروج عن ذهنيات العقود الأربعة السابقة بعيداً عن الشعبوية والذهنيات البائدة”.
وحول مواصفات الرئيس المناسب لهذه المرحلة، يؤكد الشحيمي أن “المطلوب اليوم في ظل الظروف الاستثنائية هو شخصية على قدر التحديات الداخلية، وقادرة أن توازن بين الداخل والخارج وتجمع بشكل حرفي ما بين تقنية إدارة الأزمة والوعي لأي أزمة قد يمر بها لبنان، وباختصار، المطلوب رئيس يطبِّق الدستور والقوانين بشكل حرفي، ولا أحد في الداخل والخارج يطالب بأكثر من ذلك أو يحقّ له أساساً، أي رئيس جمهورية حكماً، ويكون على قدر قَسَمه على الدستور، لأن الدستور فقط يجعل من الرئيس رمزاً وحَكَماً، وهو البروفايل الذي أكدت عليه الخماسية في البيان الثلاثي في نيويورك”.