ليس هناك حتى الآن ما يوحي بأنّ الخيار الثالث لرئاسة الجمهورية يمكن أن ينجح حيث أخفقت الخيارات الأخرى، وذلك لعدم توافر الأرضية التي يستطيع الاستناد اليها.
لعلّ خاصية او ميزة الاسم الثالث تكمن في كونه الحل الوسط المفترض، اي انّه في طبيعته التكوينية توافقي وتسووي، وبالتالي فإنّ فرصه تتوقف على وجود استعداد للبحث فيه والموافقة عليه من جميع القوى الأساسية المعنية، الأمر الذي لم يتحقق بعد لسبب بسيط، وهو انّ رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية وحلفاءه، لم يستسلموا لغاية الآن، ولا يزالون يصرّون على الاستمرار في المعركة الرئاسية.
بالنسبة إلى خصوم فرنجية، هو يخوض إلى جانب حلفائه معركة عبثية لا أمل في أن يربحها، وهم يعتبرون انّه خسر آخر أوراقه القوية، بعد تراجع المبادرة الفرنسية عبر جان إيف لودريان عن دعمها له، واستطراداً، تلاقيها مع اتجاهات أخرى في المجموعة الخماسية تنادي بمبدأ المرشح الثالث.
ويُضاف الى ذلك، في رأي معارضي فرنجية، انّه يفتقر اصلاً الى الغطاء المسيحي الضروري، بفعل تقاطع القوتين المسيحيتين الأكبر، اي “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، على رفضه.
ويصل هؤلاء في نهاية المطاف إلى خلاصة مفادها، انّ النصاب الداخلي والخارجي لانتخاب فرنجية مفقود، ولن يكتمل مهما تأخّر الوقت، وانّ على الطرف الآخر ان ينزل عن شجرة بنشعي، ويفتح الباب أمام البحث في بدائل أخرى.
وضمن سياق السعي إلى الضغط لإسقاط فرنجية بقوة الأمر الواقع ما دام الفريق الآخر يتمسّك به، لا يتردّد خصوم رئيس “المردة” في تقديم “الأضاحي” الرئاسية، الواحدة تلو الأخرى، لتحقيق هدفهم، ومن بينها ميشال معوض ثم جهاد أزعور وصولاً الى اسماء أخرى يتمّ التداول بها حالياً، ولكنها معرّضة بدورها للحرق.
وتعتبر شخصية مسيحية على تماس مع الملف الرئاسي، انّ المرحلة الحالية هي مرحلة الـ “مولينكس” التي تلتهم المرشحين المُقتَرحين، “حيث أنّ الأسماء المتداولة راهناً هي للطحن والفرم، لأنّها تُطرح في الوقت الضائع قبل اتضاح الشكل النهائي لصورة المنطقة، ولما ستؤول اليه الأمور بين واشنطن وطهران”.
وتلفت تلك الشخصية، الى انّ مباريات الرئاسة لا تزال ضمن دور المجموعات التي تلعب خلالها الفِرَق ذهاباً وإياباً، تمهيداً للانتقال إلى الدور الحاسم.
وتشير الشخصية إيّاها، الى انّ “موكب فرنجية الذي انطلق من بنشعي الى بعبدا لم يخرج عن مساره بعد، وإن كان يتحرّك بإيقاع بطيء او يضطر الى التوقف احياناً لضرورات الصيانة”، ملاحظةً انّ معارضيه استخدموا مجموعة من الأسماء المزنّرة بأحزمة ناسفة لتفجير الموكب على الطريق، “الّا انّه نجا كونه مصفحاً بدعم الثنائي “حزب الله” وحركة “امل”، ولو لحقت به بعض الأضرار المادية الجانبية”.
وتستغرب هذه الشخصية، استعداد بعض القيادات المسيحية للقبول بأن تتولّى أسماء فاترة لرئاسة الجمهورية، متسائلة: “أين أصبحت معادلة “الرئيس القوي” التي يُفترض تكريسها لا التفريط بها لحسابات سياسية؟”.
وترجح الشخصية، انّ كل ما يجري حالياً من وساطات خارجية هو استهلاك للوقت في انتظار نضوج التسوية المفترضة بين أميركا وإيران.
وبهذا المعنى، هناك من يعتبر انّ الباب الأميركي لم يُقفل بالكامل أمام فرنجية، ولو أنّها لا تحبّذ انتخابه من حيث المبدأ.
ويلفت أصحاب هذا الاستنتاج، الى انّ اتفاقية الترسيم البحري برعاية اميركية، تمّت في عهد الرئيس ميشال عون، وهذا امر له دلالاته، “وبالتالي فإنّ واشنطن يهمّها بالدرجة الأولى وجود رئيس تستطيع أن تحقق تقاطع مصالح معه، ولو لم ينبثق من نسيج حلفائها او أصدقائها، ولذا فإنّه من المبكر الافتراض بأنّ اعتراضها على فرنجية قاطع ونهائي، ما دامت عملية الضمّ والفرز في المنطقة لم تصل إلى نهايتها”، وفق تقديرات المقتنعين بأنّ فرنجية لا يزال المرشح الأكثر جدّية وثباتاً.