Site icon IMLebanon

“تجميد” الخيار الثالث… والمعارضة: لا أثمان مقابل تراجع “الثنائي”

 

أدرك الموفد الفرنسي الرئاسي ثمّ الموفد القطري، أن لا إمكانية لتحقيق أي خرق رئاسي من خلال الجولات والتوسط مع القوى السياسية في لبنان، في هذه اللحظة السياسية، لأنّ الفريق المتمسّك بترشيح رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية ممثلاً بحركة «أمل» و»حزب الله»، رفض الخيار الثالث علناً وأبلغ ذلك إلى الموفدين. وبالتالي لم يتمكّن القطري، بحسب مصادر سياسية مطّلعة على لقاءاته، من الانتقال من مرحلة الخيارات المتناقضة إلى البحث عن خيار رئاسي ثالث، لأنّ «الثنائي الشيعي»، وبمعزل عن الأسماء المطروحة، يرفض البحث في مبدأ «الخيار الثالث» ومصرّ على مرشّحه الرئاسي. لذلك، إنّ أيّ كلام عن مرشحين سواء قائد الجيش أم غيره الآن، ليس إلّا «حرق» أسماء.

 

أدركت الدوحة، بحسب المصادر نفسها، أنّه يجب الانتقال جدياً إلى البحث مع إيران في الملف الرئاسي، لاكتشاف الثمن الذي تريده مع «حزب الله» للتراجع رئاسياً. وتوصّل «الوسطاء» إلى هذا الاستنتاج، لأنّ تمسُّك «الحزب» بمرشّحه غير مقنع، فهو غير قادر على انتخابه، ولا مؤشرات داخلية أو خارجية تشير إلى إمكانية تحقيق ذلك، خصوصاً بعد وضوح مقاربة اللجنة الخماسية من أجل لبنان (فرنسا، الولايات المتحدة الأميركية، السعودية، قطر ومصر) للملف الرئاسي اللبناني وتراجع فرنسا عن مبادرتها السابقة وإعلانها أنّ الحلّ يكمن في «الخيار الثالث». وانطلاقاً من ذلك، بات «الوسطاء» على يقين بأنّ هناك ثمناً ما يريده «الحزب» أو إيران، ويحاول القطري البحث في هذا الثمن، لعلّه يتمكّن بذلك من فتح كوة في الجدار الرئاسي. لكن حتى لو سلك القطري أو غيره من الوسطاء هذا الطريق، لا يبدو أنّ هذا سيحقّق خرقاً سريعاً، فالمعارضة السيادية لن تدفع أي ثمن مقابل تراجع «الثنائي» عن ترشيح فرنجية، لأنّها تعتبر أنّه لا يتراجع عن موقع يخصّه أو لمصلحة غيره، فضلاً عن أنّ المرشحين المطروحين ليسوا من فريق المعارضة بل هم جزء من الخيار الثالث. كذلك، يبدو حتى الآن، أنّ المجتمع الدولي ليس في وارد دفع أثمان لإيران أو «حزب الله» في لبنان، فهو لم يُعطِ لفريق الممانعة أي ترجمات سلطوية مقابل الترسيم البحري.

 

تبعاً لهذه الوقائع، لا جديد على الصعيد الرئاسي، بحسب المصادر إيّاها، ولا إشارات إلى أي تغيير في المواقف الداخلية للقوى المتنازعة. فمواقف الأفرقاء السياسيين اللبنانيين تراوح مكانها، وأكد الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، مطلع الأسبوع الحالي، التمسّك بترشيح فرنجية، وفي الوقت نفسه أكّد تأييد الحوار الذي يدعو إليه مجلس النواب نبيه بري، معتبراً أنّ «هذه الفرصة ضُيّعت فقط بالنكد والمكابرة». وسأل: «ما المشكلة إذا ‏جلسنا يوماً ويومين وثلاثة وجلسة وجلستين وثلاثاً، هل هذا تضييع وقت؟ ننتظر منذ أشهر والآن تقريباً سنة مرّت».

 

كلام نصرالله وضغط فريق الممانعة إعلامياً على المعارضة السيادية، متّهماً إياها بأنّها رافضة للحوار الذي يفتح باباً إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي، لم يغيّرا في موقف المعارضة، للأسباب المعروفة، فهي لن تسمح لهذا الفريق، بحسب مصادرها، بأن يُلزم اللبنانيين بأجندته ويأتي بهم «صاغرين» إلى طاولة حوار في وقتٍ أنّه يتمسّك بمرشّحه ويرفض «الخيار الثالث».

 

وتقول: «عدا عن رفض تكريس عرف الحوار مدخلاً للانتخابات الرئاسية وهدف الممانعة بتعميم مسؤولية الشغور على الكتل النيابية كلّها فيما أنّها تتحمّلها وحدها، إنّ من يدعو إلى حوار يجب أن يكون مؤسساتياً بأدائه. فلو أنّنا أمام المهلة الدستورية، وبعدما دعا رئيس مجلس النواب إلى جلسات متتالية، وهذه الدورات لم تؤدّ إلى نتيجة، وأمام خوف رئيس المجلس من تجاوز المهلة الدستورية والدخول في شغور، دعا إلى حوار، لكنّا لبّينا الدعوة، تبعاً لحرص رئيس المجلس على عدم تجاوز المهلة الدستورية وعلى انتخاب رئيس ضمن هذه المهلة. لكن رئيس مجلس النواب وفريق الممانعة أطاحا بالمهلة الدستورية، وبري لا يدعو إلى دورات متتالية، والتجربة الحوارية مع هذا الفريق معروفة… فلماذا الحوار؟ ولماذا الربط بين حوار ملزم والدعوة إلى جلسات انتخاب؟ وبالتالي، إنّ تكرار المعزوفة نفسها لن يغيّر من موقف المعارضة، فالحوار مسألة خلافية، والمعارضة لن تتراجع، وهذا أمر مفروغ منه، والدستور حدّد طريقة الانتخاب في البرلمان، ولا يمكن أن ننصاع لـ»دستور» الممانعة».

 

رفض الحوار رئاسياً ينسحب على الحوار حول ملف النازحين السوريين كما دعا نصرالله. فبالنسبة إلى المعارضة، إنّ أي حوار مع الفريق الآخر رهن رئيس الجمهورية العتيد والحكومة الجديدة ومواضيع الحوار. وعلى رغم أنّ ملف النزوح يشكّل إجماعاً وطنياً، إلّا أنّ معالجته من مسؤولية الحكومة، وهي ملزمة بتطبيق خطة لعودة النازحين. فضلاً عن أنّ المعارضة السيادية تحضّر خطة لتحقيق الأهداف المرجوّة في هذا الملف، وبالتالي لا لزوم، بالنسبة إليها، للبحث فيه مع الفريق الآخر، خصوصاً أنّ آليات التطبيق تتعلّق بالحكومة والتواصل مع الدول المعنية، ولا حاجة إلى طاولات حوار من قبيل ما يطرحه الفريق الممانع.