عن “ظروف مهيّأة لمقاربة رئاسية جديدة”، تحدث رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في مؤتمره الصحافي الاخير، من دون ان يحدد هذه الظروف او المستجدات التي يتكىء عليها، وان كان قد بدا واضحا من حديثه انه يعول على ان تشكل التطورات العسكرية في المنطقة عاملا مسرعا لانجاز الاستحقاق الرئاسي لاعتقاده بأنها يفترض ان تشكل عنصر ضغط على القوى اللبنانية المفترض ان تكون معنية بتحصين الساحة الداخلية والتصدي لتفكك الدولة الذي يُصبح أسهل وأسرع في منطقة يُرجح ان يُعاد تكوينها.
ويعتقد باسيل انه بحراكه تجاه اخصامه السياسيين، علما انه على خصومة مع معظم القوى منذ فترة، قادر ان يقود مسعى ما لم تتبلور بعد ملامحه بشكل كامل، ما يجعله دينامو الحياة السياسية اللبنانية التي دخلت في كوما منذ اندلاع المواجهات في فلسطين المحتلة. وتقول مصادر نيابية في “التيار الوطني الحر” انه في خضم ما يحصل في المنطقة لا يجوز ان نبقى متفرجين خاصة بعدما تم تجاوز مشاركة لبنان في القمة الاخيرة التي انعقدت في القاهرة لبحث الوضع في غزة”، لافتة في حديث لـ”الديار” الى ان “تجاوز لبنان في القمم والاستحقاقات العربية والاقليمية والدولية بات عرفا بغياب رئيس الجمهورية، ما يحتم علينا فرض انفسنا كطرف اساسي على اي طاولة مفاوضات في مرحلة بالغة الخطورة والدقة خاصة اننا معنيين مباشرين بالازمات في المنطقة سواء من خلال وجود ملايين اللاجئين الفلسطينيين والسوريين وبالتالي من غير المسموح ان نكون ندفع اثمان هذه الازمات وحين يحين موعد التسويات تقوم تسويات على حسابنا”.
وتشير المصادر الى ان “باسيل قرر المبادرة في وقت رضخت كل القوى للواقع الحالي ولفكرة ان لبنان لاعب صغير في ما يحصل وان لا كلمة له ولا قرار لحكومته”، معتبرة ان “نتيجة الجولة الاولى على القيادات كانت ممتازة وتمهد لجولات جديدة تخرج بنتائج عملية”.
وفي الوقت الذي يعول “الثنائي الشيعي” على ان يكون لقاء باسيل برئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية والذي ادى لكسر الجليد المتراكم بينهما منذ سنوات، مقدمة لامكانية سير باسيل بترشيحه، تؤكد مصادر “التيار” ان “هذا الموضوع غير مطروح على الاطلاق بهذا الشكل. فالمطلوب برأينا وفي خضم المخاطر الجمة المحيطة بنا والتي تطرق ابوابنا بقوة، ان يتراجع كل منا خطوة الى الوراء لنلاقي بعضنا بعضا عند منتصف الطريق على مرشح توافقي اصلاحي يستطيع ان يقود السفينة اللبنانية التي تتقاذفها راهنا امواج عاتية، الى بر الامان”.
مقاربة باسيل والتي لا يمكن وصفها بالجديدة لا تلاقي لا شك طموحات فرنجية والفريق السياسي الذي يدعمه والذي بات على يقين ان ما يحصل يخدم ترشيحه ولا ينسفه. وليس خافيا على احد ان حزب الله المنهمك في العمليات العسكرية جنوبي البلاد والذي يضع الخطط تحسبا لتوسع رقعة الحرب وتمددها ليس اليوم على الاطلاق بصدد الدخول بمفاوضات سياسية مرتبطة بالملف الرئاسي لعلمه ان ما يحصل اليوم اعاد خلط كل الاوراق وهو سيعيد رسم ملامح جديدة للمنطقة وبالتالي يتعاطى مع الملف الرئاسي على قاعدة اما انتخاب فرنجية او ترقب ما سينتج عن المخاض الحاصل.
وقد استفز حراك باسيل قوى المعارضة التي وصفته بالشكلي، بعدما اتضح انها ورئيس “الوطني الحرة لم يكونا متحمسين للقاءات تعقد بينه وبين قياداتها، ما يطرح اكثر من علامة استفهام حول مصير التقاطع المصلحي الرئاسي السابق.
اذا اي تعويل على خرق رئاسي بعد اتمام الفراغ في سدة الرئاسة الاولى عامه الاول، خارج اطار اقتناع باسيل بانتخاب فرنجية، هو دون جدوى في المرحلة الراهنة. وواهم جدا من يعتقد ان من لم يتمكن من لبننة الاستحقاق قبل ٧ تشرين الاول قادر على لبننته اليوم.