«لا جديد» على الخطّ الرئاسيّ، ولا بوادر لأي حلحلة أو خرق على هذا المستوى، قبل نهاية السنة. هذا ما تُجمع عليه أطراف سياسية عدة، مؤكدةً أنّ هناك استعصاءً في الملف الرئاسي وفي انتخاب رئيس جديد للجمهورية في «جلسات الخميس». وبحسب «حزب الله»، سيكون «الانتظار» عنوان المرحلة المقبلة رئاسياً، في غياب الحوار الداخلي والمبادرات الخارجية، فيما تعتبر جهات سياسية معارضة أنّ هذا ليس «انتظاراً» بل تعطيل وعرقلة، فـ»الحزب» اعتاد على استخدام هذا «السلاح» لفرض الرئيس الذي يناسبه، بحيث يخيّر اللبنانيين بين الفراغ ومرشحه.
وعلى رغم الرفض العلني الجازم الذي يبديه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل تجاه انتخاب رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، وفشل محاولة الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله مع باسيل على هذا المستوى، خلال اللقاء الذي جمعهما أخيراً، إلّا أنّ «الحزب» لم يستسلم ولم يطوِ صفحة فرنجية، بل سيستمرّ في محاولة إقناع باسيل بانتخابه. ومن المرجح، أن يعقد نصرالله «لقاءات إقناع» أخرى مع باسيل، بحسب مصادر مطّلعة على موقف «الحزب»، لكن حتى الآن، لم تتبلور معطيات جديدة لعقد الاجتماع «الرئاسي» التالي بين حليفي «مار مخايل»، فبعد نحو أسبوعين على لقائهما الأخير، لم تتغيّر أي وقائع أو لم يبرز أي جديد رئاسياً لكي يحاول نصرالله مع باسيل «مرة جديدة».
في ذلك اللقاء الذي جمع نصرالله وباسيل حول «الرئاسيات»، لم يطرح رئيس «التيار» أي مطالب يريدها في العهد الجديد، لكي ينقلها «الحزب» الى فرنجية ويعرضها عليه، ويضمن لرئيس «التيار» تنفيذها مقابل «بركته» النيابية والمسيحية. فحتى الآن، لا يزال «الرفض الباسيلي القاطع» لمنح «غطاء الحيثية» لفرنجية وتأمين الأكثرية لانتخابه، محصوراً في خانة «المبدأ»، بحسب مصادر مطّلعة على موقفه، إذ إنّ باسيل يعتبر أنّ غريمه المسيحي – الشمالي، جزء من المنظومة التي قاتلت عهد الرئيس العماد ميشال عون، وعلى رأسها الرئيس نبيه بري. وانطلاقاً من أنّ فرنجية مقرّب من بري، يرى باسيل أنّ رئيس «المردة» في حال تمكّن من الوصول الى كرسي الرئاسة الأولى، سيشكّل عهده استمراراً لمحاربة «التيار» و»الحالة العونية».
لكن على رغم تعنُّت باسيل، لا يزال فرنجية مرشح «حزب الله» لرئاسة الجمهورية، بحيث بات مرشحه «شبه المعلن»، وذلك إلى حين نضوج ظروف إعلان تبنّي هذا الترشيح. ولإنضاج هذه «الطبخة الرئاسية»، يعمل «الحزب» ورئيس مجلس النواب نبيه بري، إنطلاقاً من اعتبار أنّ فرنجية مرشح توافقي وليس «رئيس مواجهة أو تحدٍّ»، فمن جهة، إنّه الرئيس الذي يثق فيه «الحزب» ويحمي «ظهر المقاومة» ويتفق على اسمه «الثنائي الشيعي»، ومن جهةٍ ثانية ليس «خارجاً» عن «اتفاق الطائف» وكان جالساً في الصفوف الأولى خلال «مؤتمر الاونيسكو» في الذكرى الـ33 على الاتفاق، فضلاً عن الصداقة التاريخية التي تربط عائلة فرنجية بالحُكم في السعودية. هذا إضافةً الى اعتبار «الثنائي الشيعي» أنّ فرنجية ليس استفزازياً، وهو قادر على التواصل مع جميع الأفرقاء في الداخل، ولم يرشح عن أي دولة مؤثرة في الملف الرئاسي وضعها «فيتو» على اسمه.
وإنطلاقاً من توصيفه لفرنجية رئاسياً، سيدعو «الحزب»، في مرحلة لاحقة، سائر الأفرقاء السياسيين للنقاش والتفاهم حول هذا الاسم، لكن بعد أن يتمكّن من إقناع حلفائه بهذا الترشيح أولاً. وإذ تقرّ مصادر مطّلعة على موقف «حزب الله»، بأن لا معطيات تشير الى أنّ باسيل قد «يغيّر رأيه»، إلّا أنّ «الحزب» لا يزال متمسكاً بورقة فرنجية، ولا يزال «الثنائي الشيعي» يعمل بـ»صبر»، على خطين: خطّ باسيل الذي يتولاه «الحزب»، وخط رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط الذي يتولاه بري. فبحسب «بوانتاج» «الثنائي»، إذا نجحت محاولة إقناع جنبلاط وباسيل معاً، سيتخطى فرنجية حاجز الـ75 صوتاً. وعلى رغم أنّ باسيل لم يقتنع حتى الآن، يرى «حزب الله» أنّ حليفه «قد يقتنع في مرحلة مقبلة»، وهو سيقوم بكلّ ما في المُستطاع لإقناعه.