تبدو الصورة السياسية الداخلية المتصلة بالملف الرئاسي ضبابية حتى اليوم، وسط استحالة ردم الهوّة التي تفصل ما بين أطراف الصراع السياسي الحاصل على خلفية إنتخاب رئيس الجمهورية العتيد، والذي يبدو حتى اللحظة الراهنة معلّقاً على عدة إحتمالات، من بينها ما يُسجّل في الكواليس من حركة تشي باحتمال حصول تسوية على إيقاع اتصالات تمهيدية خارجية، تسير بخطى بطيئة نحو بلورة تصوّر لتدخّل ديبلوماسي جدّي باتجاه رؤساء الكتل النيابية، والدفع نحو تعزيز التعاون من أجل الإتفاق على مرشّح معيّن وحسم انتخابه. مع العلم أن الوصول إلى هذا الواقع، ليس ممكناً في الوقت الراهن، إلا في حال تمكّن فريقا المواجهة في المجلس النيابي، من بناء مساحة داخلية يمكن التوافق عليها، ثم الإنتقال باتجاه الفريق الآخر للمشاركة معه في بلورة سيناريو التسوية الرئاسية الموعودة والمنتظرة من جميع اللبنانيين.
وتشير معلومات مستقاة من مرجعية حزبية، إلى أن جهوداً جدّية قد بدأت تُسجّل في محاولة لإنضاج هذه التسوية، والمدعومة من أطراف خارجية معنية بشكل مباشر بالملف اللبناني. موضحة أنه، وعلى الرغم من الضجّة المثارة بين الجهات السياسية الداخلية، فإنّ مرحلة العمل والمساعي على خط التسوية قد انطلقت، ولا بد أن تجمع تحت مظلّتها غالبية الكتل والأطراف السياسية المختلفة.
وعلى هذه الخلفية، فإن معلومات المرجعية الحزبية نفسها، تكشف بأن مشروع الحلّ المقترح يشمل عدة بنود، ولا يرتبط فقط برئاسة الجمهورية منفردة، بل هو عبارة عن سلّة متكاملة تتضمن أيضاً تأليف الحكومة العتيدة بعد إجراء الإنتخابات الرئاسية فوراً، وعدم تكرار تجارب السابق، حيث كان تشكيل الحكومات يستغرق أشهراً عدة.
وتابعت المعلومات، أن هذا المشروع هو في نقطة البداية، وسيتم تزخيم العمل به من أجل بلورته وتأمين قاعدة تأييد له إعتباراً من الأسابيع القليلة المقبلة، مع العلم أن بعض هذه البنود قد لا يكون على مستوى ما سبق وأن أعلنت عنه الكتل النيابية الرئيسية، بالنسبة لهوية الرئيس وبرنامج عمله، والمهمة التي سيضطلع بها إبان توليه رئاسة الجمهورية، والتي سوف تختلف عن كل المهمات للعهود السابقة.
وفي حين أشارت المعلومات نفسها، إلى أن نتائج هذه الجهود لا تزال غير واضحة، خصوصاً وأن بعض الأطراف الأساسية باتت في أجوائها، رأت أنها لا تزال تتمسّك بخياراتها السابقة، وهو ما يستدعي المزيد من الجهود والمباحثات المعمّقة، والتي تقارب الأزمة الرئاسية من أكثر من زاوية وبشكل شمولي، وليس من خلال التركيز فقط على هوية المرشح الرئاسي المقبل.
واعتبرت المعلومات أنه، وفي حال لم تسلك هذه التسوية طريقها نحو القبول من قبل كل الأطراف السياسية المعنية، فإن البديل عنها سيكون استمرار الشغور الرئاسي مع ما يترتّب من تداعيات إقتصادية واجتماعية ومالية، وربما أمنية في مرحلة لاحقة، ما قد يؤدي إلى دخول البلد في أتون الفوضى والفراغ، إلى أن يتم فرض التسوية من القوى الخارجية بعد وصول الجميع إلى الحائط المسدود.