Site icon IMLebanon

من حركة الاعتدال إلى الطلب المحال.. رئاسة لبنان بين «ترتيبات القرار» «والرئيس المقاوم»

 

 

في الأيام القليلة الماضية، أضيف الى المشهد السياسي المحزن- المضحك، خبرية جديدة، بعنوان أن مجموعة من «نواب الاعتدال الوطني» قررت خوض غمار فتح طريق المجلس النيابي أمام جلسات لا تتوقف حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وكأن الطريق تتمهد عبر كتلة أو مجموعات كتل، أياً كان وزنها او انتماءاتها، بمعزل عمَّن يمهد فتح الطريق في العالم والاقليم، وكأن رئيس المجلس، ليس بإمكانه إبلاغ المجموعة النيابية، بغير ما أبلغها عن تجاوبه واستعداده.

وعليه، صار «نواب الاعتدال الوطني» بما يمكن وصفه بـ «مضحك الأخبار» عبثاً عن اتصالته الرئاسية، من ميرنا شالوحي (مقر قيادة التيار الوطني الحر برئاسة النائب جبران باسيل)، الى معراب (مقر قيادة حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع)، ولم ينسَ هؤلاء المرور، ضمن خطة الاسبوع المقبل، وربما الاسابيع المقبلة، أمام مقرات كتل وأحزاب، وصولاً الى توسيع جبهة المطالبين بالسير في «خطوات الاعتدال» وصولاً الى المبتغى، ولو كان صعب المنال، أقله في الظروف الراهنة.

هذه عينة، بسيطة من عينات «الفقه السياسي» الذي غالباً ما يؤدي الى انعدام الوزن لدى الكتل ومن تمثّل، فضلاً عن الارتباطات، وكلمات السر، الوافدة من الخارج عبر حركة السفراء، سواء أكانوا في الخماسية، أو فرادى.

لا بدَّ من وقت ضائع، يتحرك هؤلاء لملمته، وهم يعزفون على أوتار «الوحدة والإجماع» واللقاء والارتقاء، وما شاكل من كلمات او ألفاظ، لا تحمل المعاني الآيلة الى سلوك الطريق المؤدي الى قصر بعبدا..

ومن هذه الزاوية، الموهومة، يندفع اشخاص الى ساحة الشاشات، يرمزون، ويمضون «بالتحاليل الفارغة» الى أبعد الحدود..

ثمة من يجزم أن لا رابط بين حرب غزة الأصلية، وجبهة المساندة في الجنوب الماضية، الى الاستمرار، من دون توقف (وهي لم تستأذن رئيساً سابقاً للجمهورية يتساءل عما اذا كان هناك معاهدة دفاع مشترك مع غزة أم لا).. والعملية الدستورية في لبنان.

وثمة، من يجزم ان الارتباط حتمي بين ما يجري من حرب طاحنة  في قطاع غزة، إمتداداً الى الضفة الغربية بين «دولة الاحتلال» (اسرائيل) وحركات المقاومة الفلسطينية (حماس والجهاد واللجان الشعبية وكتائب ابو علي مصطفى وغيرها) وسائر الترتيبات التي يحملها في حقيبته الدبلوماسي وزير الخارجية الاميركي انطوني بلينكن، وهو ينتقل من عاصمة في أقاصي آسيا (الهند) الى عاصمة بعيدة في اميركا اللاتينية (المكسيك) بحثاً عن حشد الدعم لخطط «الازدهار» من البحر الاحمر الى البحر الهندي، وسائر الممرات المائية، من جبل طارق الى قناة السويس..

لبنان، نقطة صغيرة في ترتيبات موضوعة بين الحقائب والملفات الجديدة-القديمة، الى السيطرة في الشرق الاوسط؟ وعلام الترتيبات؟

في ما يخص لبنان، من الواضح ان الشغور الرئاسي،  سبق حرب غزة بحوالي السنة تقريباً.

عندما غادر الرئيس ميشال عون القصر الرئاسي عند الساعة صفر من ليل 31 ت1 2022) عائداً الى بيته الجديد في الرابية، بحثاً عن دور سيستمر بعد الرئاسة، وكان من ابرز عناوينه، الخروج على تفاهم مار مخايل مع حزب لله، على خلفية الانخراط في الحرب العدوانية الاسرائيلية على غزة والشعب الفلسطيني، لم تكن الحرب قد بدأت، ولا حتى كان هناك أية مؤشرات على وقوعها، ومع ذلك طلع «حزب الله» عبر كوادره ونوابه وصولاً الى القيادة على مستوى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، يطالب برئيس للجمهورية اشترط له ان لا يطعن المقاومة في ظهرها، ورسا الخيار على النائب والوزير السابق سليمان فرنجية لهذه المهمة..

وبصرف النظر عما طرأ على المشهد من أخذ وردّ بين التيار الوطني الحر وحزب الله، من زاوية رفض الاول هذا الترشيح، باعتباره امتداداً «للمنظومة الفاسدة»، فإن الحزب قبل حرب غزة، ودخوله جبهة المساندة من جنوب لبنان، وخلالها واظب على التأكيد على خياره، من زاوية ان مرشحه للرئاسة هو فرنجية، وهو ابلغ من يعنيه الامر، انه لا يتخلى عن هذا الترشيح ولن يطلب من فرنجية الانسحاب، كما حصل عام 2016، عندما طلب اليه الانسحاب لمصلحة العماد عون، الذي بقيت الرئاسة الاولى خالية «كرمى لعين الحليف»..

لا حاجة، لاستعادة وقائع، تشير الى ان ترشيح فرنجية، وبالتالي التمسك به ضاعف من التوتر بين حزب الله والتيار الوطني الحر..

علىان السؤال الذي يفرض نفسه بقوة: هل بعد الحرب هذه، بكل ما كشفته، أو افرزته، ما يزال بحاجة الى مَن لا يطعن المقاومة في ظهرها؟

من ليس بإمكانه ان يقرأ المشهد جيداً: الولايات المتحدة تريد رئيساً على قياس تطبيق القرار 1701 لضمان أمنٍ دائم لإسرائيل، بما يسمى بالشمال، وفرنسا تريد رئيساً على هذه الشاكلة، لكن بحسابات «اليورو» وليس «الدولار» والعرب أو جلهم يريد رئيساً  يمضي الى الاستقرار بعيدا عن «منظومة المحور».. وحزب الله، ومظومته التي ينتمي اليها من باب المندب الى قاعدة «عين الاسد» في سوريا (رمز ضربات المقاومة العراقية ضد الاميركيين قبل توقفها) مروراً برأس المنظومة ايران، لن يتراجع عن رئيس لا يطعن المقاومة في ظهرها، بل يتخطي بدوره دور «اميل لحود» الذي اطلق عليه يوماً لقب «الرئيس المقاوم».