Site icon IMLebanon

مساعي هوكشتاين لاتفاقٍ بَرّي لا تزال تحتاج الى بعض الوقت وانتخاب الرئيس مجمّد الى ما بعد الخريف المقبل!! 

 

تستمرّ الإتصالات الداخلية لبلورة تفاصيل مبادرة “الإعتدال الوطني” الرئاسية، لتحريك الملف الرئاسي والذهاب الى انتخاب رئيس الجمهورية، غير أنّ ثمّة من يتخوّف من ألّا تسلك الطريق المرجوة مثلها مثل المبادرات السابقة، لا سيما مع تمسّك كلّ من الفريقين بمرشّحه، وعدم قدرة أي طرف داخلي أو خارجي على كسر “التعادل السلبي” القائم بينهما، إلّا في حال حصول التوافق الإيراني- السعودي أو التسوية الإقليمية.

 

وتتخوّف مصادر سياسية مطّلعة من أن يستمر الجمود السياسي الحالي قائماً ليس لأشهر معدودة فقط، إنّما ألّا ينتخب المجلس النيابي الحالي رئيس الجمهورية، سيما وأنّ تركيبته أظهرت خلال الجلسات الـ 12 السابقة، عدم تمكّن أي فريق من حصد 65 صوتاً لمرشّحه، فكيف بتأمين النصاب القانوني المتمثّل بـ 86 صوتاً؟! ولهذا تُسمع بعض الأصوات المنادية بإجراء إنتخابات نيابية مبكرة، علّ تركيبة المجلس النيابي الجديد تتغيّر، غير أنّها ستكون دعسة ناقصة في الهواء، لأنّ المجلس سيعود نفسه مع فارق قليل بأصوات هذا الطرف أو ذاك. فما الذي يحصل عندئذٍ بعد إضاعة المزيد من الوقت؟!

 

وفي ما يتعلّق بمبادرة كتلة “الإعتدال الوطني”، تجد المصادر بأن مشاركة حزب الله في ما تدعو اليه من “لقاء تشاوري” لن يحصل، وإن حضر ممثّلوه هذا الإجتماع، فإنّ الكتلة لن تنجح في جعله يتخلّى عن مرشّحه رئيس “تيّار المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية، من دون الحصول على مكتسبات تتعلّق بشكل النظام والحكومة، ودوره المستقبلي السياسي والعسكري في لبنان والمنطقة.

 

وعليه، فإنّ الحلّ، وفق المصادر نفسها، لن يأتي من مبادرة كتلة “الإعتدال” التي انطلقت من كلام رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي عن الحوار أو التشاور لتبني مبادرتها، ولا من “الخماسية” التي لا تزال تدور هي والسفراء الخمس المعتمدين في لبنان في “دائرة مفرغة”. كذلك فإنّ مستشار الرئيس الأميركي لشؤون أمن الطاقة آموس هوكشتاين، الذي عاد الى بيروت لتقديم بعض المقترحات لعدم توسيع الحرب على لبنان من جهة، والتوصّل الى اتفاق على ترسيم الحدود البريّة يُنهي الصراع القائم على الحدود الجنوبية من جهة ثانية، لن يجدّ الحلّ للأزمة الرئاسية بعصا سحرية.

 

من هنا، يبدو الإستحقاق الرئاسي مؤجّلاً الى ما بعد فصل الخريف المقبل الذي من المفترض أن تجري خلاله (أي في تشرين الثاني المقبل) الإنتخابات الرئاسية الأميركية، وربّما الى العام المقبل 2025، على ما أكّدت المصادر، لأنّه ثمّة أولويات تتخطّاه حالياً. فأبرز هذه الأولويات، وقف حرب غزّة، وإنهاء المواجهات العسكرية القائمة عند الجبهة الجنوبية بين حزب الله والعدو الاسرائيلي، والتوصّل الى اتفاق على ترتيب هذه الأعمال العدائية بين الطرفين، على غرار ما فعل القرار 1701 منذ العام 2006 وحتى 7 تشرين الأول من العام الفائت.

 

كما إنّ هوكشتاين سيسعى الى التوصّل الى “اتفاق شامل” يتخطّى الأعمال القتالية بين الجانبين الى وقف شامل لإطلاق النار، على ما ينصّ عليه القرار المذكور، الأمر الذي يحتاج الى المزيد من الوقت. علماً بأنّه أعلن بعد لقائه برّي امس في عين التينة بأنّ زيارته الى لبنان هي لدعم الحل الديبلوماسي لإنهاء التصعيد على الحدود الجنوبية، مؤكّداً على “العمل للتوصّل إلى وقف لإطلاق النّار في غزة وإطلاق الأسرى، وكي تنسحب الهدنة في غزة على الجنوب أيضاً”. فالإتفاق النهائي للترسيم البحري الذي تمكّن الوسيط الأميركي من إنجازه، تطلّب نحو 3 سنوات من الجولات المكوكية التي أمضاها هو ووسطاء أميركيون آخرون في التفاوض، بعد التوافق على “اتفاق الإطار” الذي استلزم 10 سنوات (بين عامي 2010 و2020)، وصولاً الى المفاوضات غير المباشرة التي أدّت الى الإتفاق على تحديد الخط 23 والتفاصيل المتعلّقة به.

 

وتقول المصادر عينها بأنّ مساعي هوكشتاين لا تزال تحتاج الى بعض الوقت، لأنّ التسوية الإقليمية التي من شأنها تسريع هذه المفاوضات، كما موافقة هذا الطرف أو ذاك على إنهاء الصراع العسكري بينهما لم تنضج حتى الساعة. كذلك فإنّ لبنان يتمسّك باستعادة كامل حقوقه وجميع الأراضي اللبنانية المحتلّة ووقف الإعتداءات الإسرائيلية البريّة والبحرية والجويّة على سيادته، وهذا لن يحصل من دون الضغوطات الدولية على “إسرائيل” لتطبيق الإنسحاب. وفي انتظار نضوج التسوية تحدّثت عن أنّ هناك مؤشّرا إيجابيا عن قرب حصولها، انطلاقاً ممّا أثاره وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في زيارته الأخيرة الى بيروت، إذ قال بأنّه ثمّة إتصالات مع واشنطن بشأن الساحة اللبنانية لتجنّب التصعيد، وأنّه بعد انتهاء الحرب في المنطقة والذهاب نحو التسوية، فإنّ طهران لا بدّ وأن تتوافق مع الرياض.

 

وبناء عليه، فإنّه عند الوصول الى هذه اللحظة فقط، يُمكن أن يتبدّل المشهد السياسي الداخلي، على ما أشارت المصادر، ويقتنع كلّ فريق بالتنازل عن مرشّحه، ليس لمصلحة الفريق الآخر إنّما لصالح التسوية، التي لا بدّ وأن تنعكس إيجاباً على الوضع اللبناني من خلال موافقة الفريقين على خيار “المرشّح الثالث”. وهذا الأخير سيكون على الفريقين إيجاده والتوافق عليه، على غرار ما حصل بين الكتل المسيحية وقوى المعارضة في “التقاطع” على إسم الوزير السابق جهاد أزعور. وأسماء المرشّحين كثيرة يُمكن غربلتها واختيار الأكثر توافقاً عليه من بينها.