IMLebanon

حزب الله ينظر للمعركة الرئاسيّة بعين المداراة والمواجهة…

 

 

حتى اللحظة لا يوجد أي جديد في الملف الرئاسي، وكأن البلد يدور في حلقة مفرغة نتيجة الانقسامات الحادة من جهة، والدور الخارجي الذي لا يساعد على إنجاز هذا الاستحقاق، لا بل يلعب دوراً سلبياً لعرقلته كدور الولايات المتحدة الأميركية تماماً…

 

الأمور على حالها بجمودها الذي يميل نحو السلبية أكثر من الإيجابية، وكل ما يُقال هي اجتهادات شخصية، ولا يوجد أي كلام رسمي بين الأطراف بحثاً عن تسوية ما، فكل طرف ينتظر شيء ما وفقاً لحساباته ومرجعياته، لذا فهو غير قادر على أن يخطو خطوة واضحة بهذا السياق.

 

يعلم حزب الله مع من يتعامل في البلد، ويعلم كيف يتعامل الأفرقاء مع الاستحقاقات الداخلية، ويعلم مرجعية كل طرف، لكن بكلام أمينه العام حول أهمية التوافق الداخلي بهذا الإستحقاق، يثبّت من خلاله مبدأ إنجاز هذا الإستحقاق بين اللبنانيين للأسباب التي شرحها، متمنياً عليهم الإستجابة نظراً لدقة المرحلة وصعوبة الوضع الذي يمر به البلد، والذي يحتاج الى خطوات إنقاذية.

 

وبما أن الواقع الحالي في البلد معقّد الى هذه الدرجة، يُحتِّم طرح سؤال بديهي، كيف يتعامل حزب الله بحكم قوة حضوره وتأثيره مع هذا الواقع؟ وما الذي يستطيع فعله؟

 

إذا تم النظر لحزب الله من الزاوية اللبنانية كأحد الأطراف الداخلية، والاخذ بعين الاعتبار مستوى هيبته وقدرته، هناك استغراب لعدم استثمار الحزب هذا الحضور في فرض التسويات.

 

أما إذا تم النظر الى حزب الله كقوة إقليمية مقرِّرة في الصراع الكبير، وكشريك سياسي في الملفات الداخلية، فإن مستوى التوقعات سينخفض، لأن قواعد اللعبة السياسية في الداخل اللبناني محكومة بالمصالح والمنافع الحزبية والطائفية والإقتصادية، وهنا لا يملك الحزب أوراقاً حاسمة حتى في الضغط على حلفائه، وبناء على هذا التصوّر يتعامل حزب الله بواقعية مع أزمة الرئاسة. لذا هو منفتح على الأسماء وليس على المواصفات، فهو يعلم بواقعيته أنه لا يستطيع حسم المعركة الرئاسية وحده، رغم قوة حضوره.

 

فمنذ نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة، بادر السيد نصرالله الى توصيف المشهد السياسي الناتج من الانتخابات ووضعه في اللاأكثرية، ودعا حينها الى ضرورة اعتماد التفاهم والحوار على الملفات والموضوعات، ما دامت الكتل السياسية لا تستطيع منفردة أن تُنجِز إستحقاقاً دستورياً بحجم رئاسة الجمهورية بدون التعاون فيما بينها.

 

فعلى ماذا يراهن الذين لم يستجيبوا لهذه الدعوة؟ سؤال تتم الإجابة عليه بنظرة واحدة لمسار هذه القوى. أما السؤال الموجَّه لحزب الله فهو: ما هي الهواجس أو التعقيدات التي يراعيها الحزب في الملف الرئاسي؟ مصادر في 8 آذار تجيب:

 

١- يشكل منصب رئاسة الجمهورية رمزية خاصة لتميّز لبنان في الشرق والمحيط العربي، باعتباره الموقع المسيحي الوحيد في المحيط الجغرافي.

 

٢- يشكل هذا الموقع حساسية خاصة عند المسيحيين في لبنان، الذين يشغلهم هاجس التغيّر الديموغرافي لمصلحة المسلمين، وتقلّص دورهم في الحياة السياسية، وصولاً للتهديد الوجودي خاصة بعدما أنتجه الطائف من تحديد صلاحيات رئيس الجمهورية.

 

٣- لا بد من مراعاة هواجس الكنيسة المارونية التي تُعتبر طرفاً مؤثراً في اختيار هذا الموقع وفقاً لرمزيتها المسيحية.

 

٤-عدم توافق القوى الحليفة لحزب الله على مرشح.

 

٥- الطموحات المتعارضة عند الزعامات المسيحية الحليفة للحزب.

 

٦- حرص حزب الله على أن لا يكون منصب الرئاسة إنجازاً لحراك ١٧ تشرين والحصار الإقتصادي والإنهيار المالي، باعتبار أن ذلك سيولِّد أزمات في المستقبل مع المقاومة.

 

بعد هذا العرض، تقول المصادر أن حزب الله ينظر الى التعقيدات الداخلية بعين المداراة، وينظر الى الضغوط الخارجية بعين المواجهة، وهذا ما فرض عليه أن يمارس الحد الأقصى من الصبر الإستراتيجي بانتظار أحد الأمرين:

 

– إما اقتناع الأفرقاء المحليين باستحالة تحقيق المطالب الخارجية ورضوخهم لدعوة الحوار والتفاهم الداخلي.

 

– وإما انتظار التحوّلات التي سيُنتجها الصراع فيما يتعلق بإعادة تشكّل خريطة المنطقة وحصول أي تحوّل في نقاط الإشتباك مع أميركا، إن في الحرب الروسية-الأوكرانية، أو الوجود الأميركي في سوريا، أو الهدنة المتزلزلة في اليمن، أو جنون الحكومة الصهيونية الجديدة، أما الملف النووي الإيراني، فهو آخر ما ينتظره حزب الله لعلمه باستحالة إدراج إيران الملف اللبناني ضمن المفاوضات.

 

لكن لا بد من التأكيد على أن في نظر حزب الله، هناك فرق كبير ما بين الرهان على التحوّلات، والصمود في مواجهة الضغوط بانتظار التحولات، ففي هذه الحالة يكون الصمود من الأسلحة التي تُستخدم في إيجاد حالة التحوّل.

 

ورغم كل هذه التعقيدات، يبقى من سيصل الى قصر بعبدا رئيس مرحلة انتقالية من غير المعروف الى أين ستأخذ لبنان، بحيث كل طرف يرسم سيناريو خاص به، ويعمل لحجز مكان له في لبنان الجديد، وبانتظار هذه اللحظة، لبنان أمام مرحلة تسويات وليس حلول يتم خلالها السعي لتخطيها بأقل الخسائر الممكنة لتمنعه من السقوط النهائي.