ليس في الأمر أي مفاجأة، فأن تصل مبادرة تكتل الاعتدال الى شبه الطريق المسدود أمٌر شبهُ طبيعي في واقع تركيبة مجلس النواب القائمة على معادلة سلبية، يتعذر على أي من أطرافها أن يحقق فيها نقلة إيجابية، فقط هناك إمكانية التعطيل.
فمن الواضح أنه يتعذر انتخاب رئيسٍ للجمهورية مفروضٍ على المسيحيين، وفي المعيار ذاته من غير الممكن التوصل الى انتخاب رئيسٍ للجمهورية مفروض على الثنائي الشيعي. أمّا الطيف السني فهو، لحسن الحظ، بعيدٌ عن هذه المعادلة المؤذية، وهو ما يظهر من عدم اصطفاف نوابه مع هذا الجانب أو ذاك ، جرّاء توزعهم في غير كتلة واتجاه. مع الاستدراك أن لا الثنائي الشيعي يقول بفرض مرشحه على الآخرين ولا الطرف المسيحي في هذا الوارد لاسيما بعد تراجع، بل تلاشي مقولة «رئيس التحدّي»، التي كان بعضهم يقول بها.
ومن الثابت، لمن يريد أن يتمعّن في المشهد من خلال نظرة بانورامية شاملة، أن الحوار هو أيضاً غيرُ مُجْدٍ، وكذلك الجلسة الانتخابية المفتوحة لن توصل الى إزالة العوائق من أمام أبواب قصر بعبدا ليحل في سدته الرئاسية نزيل جديد، يتولّى المسؤولية طوال سنواتٍ ستّ. فلو تواصلت الجلسة المفتوحة (ونحن معها في المبدأ والمطلق) فماذا سيتغير؟ هل سيحل الروح القدس على أسياد أنفسهم فيبدّل فيهم تبديلاً جذرياً؟ طبعاً لسنا ندعو الى عدم عقد الجلسات الانتخابية، إلّا أننا واثقون من أن لبنان لن «ينعم» برئيسه المنتظَر إلّا إذا حدث أحد التطورات الآتية التي يوفر كلٌّ منها أكثرية الثلثين كمدخلٍ لا بد منه لنصاب جلسة الانتخاب:
الأوّل – أن يعلن الثنائي الشيعي تخليه عن مرشحه زعيم تيار المردة سليمان فرنجية… ثم يتم التوافق على اسم يلقى قبولاً من مختلف الأطراف، أو من أكثريتها.
الثاني – أن «يمشي» جبران باسيل وتكتل لبنان القوي بفرنجية.
ثالثاً – أن «يمشي» سمير جعجع وتكتل الجمهورية القوية بسليمان فرنجية.
رابعاً – أن تُعقد صفقة متكاملة بين الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الاسلامية الايرانية، تبدأ في غزة ولا تنتهي في قصر بعبدا…
طبعاً، إن كلّاً من هذه الاحتمالات يبدو تحقيقه أكثر صعوبة من الآخر.
ماذا يبقى من حلول؟ الجواب: الحلّ بالحلّ! ولكن حل مجلس النواب متعذر في غياب رئيس للجمهورية ووجود حكومة لا تتمع بالثقة النيابية، لاسيما من المجلس النيابي الحالي، الذي انتُخب أعضاؤه بعد اعتبار الحكومة مستقيلة.
ويبقى الأصعب: الانقلاب العسكري! وهو رابع المستحيلات في لبنان.