IMLebanon

هل يعني موقف بكركي ومعراب وضع “بلوك” بوجه قاعدة تحرّك “الخماسيّة”؟ 

 

تعرضت “اللجنة الخماسية” مع بداية جولتها الجديدة على الاطراف والمكونات اللبنانية، في اطار مهمتها بشأن الملف الرئاسي، الى نوع من الصدمة والانتكاسة بعد الجوابين التي سمعتهما من البطريرك الماروني بشارة الراعي ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ردا على مسعاها لاحداث خرق في جدار الازمة. ويكاد يكون ما سمعته في بكركي، نسخة مطابقة لما سمعته في معراب والعكس بالعكس. ويتقاطع الراعي وجعجع في موقفهما امام اللجنة على رفض الحوار او التشاور، كسبيل للذهاب الى انتخاب رئيس للجمهورية.

 

ولان اللجنة عملت منذ بداية حراكها على قاعدة ايجاد قواسم مشتركة بين الاطراف السياسية من خلال التفاهم والحوار او التشاور، فان الموقف المتشدد الذي سمعته في بكركي ومعراب يبعث الى شيء من الاحباط، لان اصرار الراعي وجعجع على تطبيق الدستور وحصرهما الازمة بهذا الشكل من التفسير، يعني توجيه ضربة قوية للمقاربة التي انطلقت منها اللجنة، سعيا الى انضاج المناخ السياسي الملائم الذي يؤدي فعلا الى انتخاب الرئيس.

 

وبرأي احد النواب المسيحيين المستقلين، ان تأكيد البطريرك الراعي امام السفراء الخمسة على تطبيق الدستور، وعقد جلسة بدورات متتالية لانتخاب رئيس الجمهورية، ليس موقفا جديدا لانه يكاد يكرره في عظات الاحد، لكن كلامه في مثل هذا المناسبات شيء، وترداده امام اللجنة شيء آخر. ويضيف المصدر ان البطريرك الراعي اراد تظهير موقفه باسلوب مباشر امام “اللجنة الخماسية”، ما يقطع الطريق عليها في تقديم اي اقتراح او صيغة اخرى. وفي معراب لم تتفاجأ اللجنة بموقف جعجع وتوصيفه لاسباب الازمة، لكن تصريحه العالي النبرة بعد اللقاء شكل مادة احراج لها، ولمسار وساطتها ومسعاها.

 

وبغض النظر عن تقويم ما جرى في بكركي ومعراب، فان دعوة الراعي وجعجع الى تطبيق الدستور لانتخاب الرئيس لا ولن تؤدي الى الهدف المنشود، ليس بسبب رفض الطرف الآخر هذا الامر كما تحدث رئيس “القوات”، بل لان الرجلين يدركان ضمنا ان الذهاب الى جلسة انتخاب جديدة واجراء دورات متتالية، من دون تحقيق الحد الادنى من التفاهم والتشاور، لن يؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية طالما ان التوازن تحت قبة البرلمان لم يتغير.

 

وبرأي مصدر نيابي مؤيد للحوار ان الاكتفاء بالدعوة الى تطبيق الدستور وتكرار مثل هذا الموقف لن يؤدي الى اي تقدم، لا بل انه يساهم في تأخير واطالة ازمة الرئاسة. ويضيف ان سلسلة الجلسات التي عقدها المجلس، برهنت ان ايا من الفريقين داخل البرلمان غير قادر على ايصال مرشحه، وان البحث او اعتماد خيار ثالث لا يمكن ان يحصل خارج الحوار والتفاهم. فاذا كان البعض يسعى فعلا لخيار ثالث، عليه اولا ان يحاور لاقناع الطرف الآخر بهذا الخيار، اما استخدام لغة “البلوك” وفق مصطلح وسائل التواصل، فانه يؤدي الى زيادة التأزم في البلاد.

 

وبرأي المصدر ان ما حصل مع “اللجنة الخماسية” في بكركي ومعراب هو بمثابة وضع “بلوك” في وجه الحلول، وهو يطاول مسعاها بشكل او بآخر.

 

وعلى الرغم مما حصل، يعتقد المصدر ان عمل اللجنة لم ينته، وهي ستستأنف تحركها باتجاه باقي الاطراف والكتل السياسية بعد عطلة عيد الفطر، لافتا الى ان عودتها للقاء‏ باقي الكتل قد تتأخر الى ما بعد منتصف نيسان المقبل. وبرأي المصدر ان ازمة رئاسة الجمهورية ليست ازمة دستورية او ناجمة عن تجاوز الدستور، بقدر ما هي ازمة سياسية بامتياز يحتاج حلها الى ادوات سياسية، خصوصا ان التوازن داخل مجلس النواب لا يسمح لاي فريق من الفريقين في ايصال مرشحه او فرض ايقاعه على الآخر، وان حصر الحل بتطبيق الدستور هو تبسيط للأزمة لا يحاكي واقعها وحقيقتها.