IMLebanon

“الخماسيّة” تُطالب بضرورة الفصل بين الملف الرئاسي والحرب الدائرة والأحزاب المعارِضة تدعو الى الحوار مع حزب الله 

 

 

جرى تحييد لبنان عن الردّ الإيراني على الضربة “الإسرائيلية” التي طالت القنصلية الإيرانية في دمشق، كما عن الردّ “الإسرائيلي” على الردّ الإيراني، إذ ضرب العدو موقعاً للجيش في أصفهان. في الوقت الذي كان يُخشى فيه من أن يوسّع “الإسرائيلي” حربه مع لبنان، بحجة الردّ على الردّ. غير أنّ هذا لا ينفي أنّ العدو قد تراجع عن تسديد ضربة موسّعة على لبنان، على ما يُهدّد باستمرار، ولكنه يؤجّلها لما يواجه من ضغوطات خارجية عليه لعدم توسيع دائرة الحرب في لبنان والمنطقة.

 

وإذ حصل ما طالبت به الولايات المتحدة، أي عدم توسيع الحرب لأي سبب كان، إذ اقتصرت الردود بين إيران و”إسرائيل” على ضربات مباشرة لم ولن تؤدّي الى حرب إقليمية، تقول مصادر سياسية واسعة الإطلاع، بأنّ “اللجنة الخماسية” التي ستجتمع قريباً لإعادة البحث في الملف الرئاسي، تُطالب حالياً بتطبيق القرار 1701، وبتعزيز قدرات الجيش اللبناني وزيادة عديده وبنشر نحو 20 ألف جندي عند الحدود الجنوبية، بهدف إعادة الجنوبيين الذين غادروا منازلهم في القرى والبلدات الجنوبية، فضلاً عن عودة المستوطنين الى المستوطنات الشمالية في الأراضي الفلسطينية  المحتلّة.

 

هذا كلّه يستوجب انتخاب رئيس الجمهورية في أسرع وقت ممكن، على ما أضافت المصادر، إذ لا يمكن التوافق مع لبنان على تطبيق القرار الأممي 1701 من دون انتخاب الرئيس وتشكيل حكومة فاعلة وتسليح الجيش اللبناني، ليكون قادراً على حماية سيادته وردّ أي عدوان عليه. وهذا الأمر يستوجب عودة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الى لبنان قريباً لإعادة تحريك المفاوضات غير المباشرة حول تطبيق القرار 1701، وإظهار الحدود البريّة النهائية للبنان.

 

من هنا، طرح سفراء “الخماسية” خلال محادثاتهم مع القوى والأحزاب السياسية ، وفق المصادر العليمة نفسها، مسألة فصل الملف الرئاسي عن حرب غزّة وعن المواجهات العسكرية الحاصلة بين حزب الله و”إسرائيل” عند الجبهة الجنوبية. وينطلقون في طرحهم هذا من أنّ حرب غزّة قد تطول الى أكثر من سنتين إذا بقي العدو الإسرائيلي على تعنّته، في حين أنّ لبنان لا يُمكنه الإنتظار كلّ هذه المدة في ظلّ شغور رئاسي وحكومة تصريف أعمال، ومجلس نيابي لا يُمكنه أداء عمله كما يجب من دون وجود حكومة كاملة الصلاحيات.

 

ونقلت المصادر عن سفراء “الخماسية” أنّهم سمعوا من بعض الأحزاب التي التقوها أخيراً، أنّها مع الفصل بين الملف الرئاسي وحرب غزّة والمواجهات العسكرية في جنوب لبنان. في حين أبلغتهم أحزاب أخرى أنّ الردود المتبادلة بين إيران و”إسرائيل” تُقلق لبنان في الوقت الحالي، إذ لا أحد يضمن ما يُضمره العدو الإسرائيلي، ومتى يقوم بضربة موسّعة على لبنان تحت عناوين عدّة. لهذا لا يمكن الذهاب الى تطبيق القرار 1701 وفصل الملف الرئاسي عن الحرب الدائرة في غزّة وفي جنوب لبنان، قبل التوافق على وقف إطلاق النار في قطاع غزّة. الأمر الذي يُمكنه أن يُمهّد الطريق لاستكمال المفاوضات غير المباشرة، والتوصّل الى تأمين نوع من الإستقرار والهدوء التام عند الحدود الجنوبية.

 

ولهذا فإذا كانت دول “الخماسية” المهتمّة بالملف اللبناني من كلّ جوانبه، تريد التوصّل الى حلّ جذر ي فعلاً، على ما تابعت المصادر، عليها إذاً الضغط فعلياً على “الإسرائيليين” لوقف إطلاق النار في غزّة أولاً، لكي تتوقّف المواجهات العسكرية في جنوب لبنان. وعندئذٍ يُمكن التوافق على انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة وبدء الحديث الجدّي عن تطبيق القرار 1701، وما يتضمّنه من انسحاب القوّات “الإسرائيلية” من الأراضي اللبنانية المحتلّة لا سيما من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر.

 

وأبلغت الأحزاب المعارِضة سفراء “الخماسية”، وفق المصادر ذاتها، أنّ الأولوية القصوى لديها هي لانتخاب رئيس الجمهورية كونه المفتاح لإعادة بناء الدولة والمؤسسات. وهذا الأمر يتطلّب بالطبع أن تتحاور هذه الأحزاب مباشرة مع حزب الله بالدرجة الأولى، بهدف وضع النقاط على الحروف لمعرفة كيفية قيادة البلد في المرحلة المقبلة.. ويمكن أن يتمّ الإتفاق في ما بينهما على ضرورة تطبيق جميع بنود “اتفاق الطائف” أو تعديله، أو اعتماد نهج أو نظام جديد، أو تطبيق الفيديرالية أو اللامركزية الموسّعة والى ما هنالك من حلول جذرية.

 

أمّا بقاء الوضع على ما هو عليه، وتقطيع الوقت في الإنتظار من دون أي معالجات، بحسب رأي المصادر، فمن شأنه إدخال لبنان في نفق مظلم ومجهول أكثر من الذي هو فيه اليوم. كما أنّ “تعليق” البحث الجدّي في الملف الرئاسي لا يُمكنه أن يدوم أكثر، وإن كانت الحرب دائرة في غزّة وفي جنوب لبنان، لأنّ المرحلة المقبلة تتطلّب وجود لبنان على طاولة التسوية من خلال رئيس الجمهورية وحكومة كاملة الصلاحيات. ولهذا ليس على المسؤولين اللبنانيين ترك القطار يفوتهم دون أن يتحرّكوا، ويتفقوا في ما بينهم حالياً على الرئيس الأفضل للبنان، والذي يُمكنه مواكبة المرحلة المقبلة على المنطقة، والتي ستتمثّل بخارطة جديدة للشرق الأوسط.