Site icon IMLebanon

القوى “السيادية” تُثبّت ترشيح معوّض: التسويات من الممنوعات

 

لم تحصل أي تبدّلات جذرية على جبهة المعارضة قد توحي بقرب حصول اتفاق أو تسوية على اسم جديد ما يحتّم التخلّي عن الترشيح الحالي، ما يعني أنّ هناك صعوبة في تحريك استثنائي للملف الرئاسي في الأيام أو الأسابيع المقبلة. وبدلاً من جرّ رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط بقية قوى المعارضة إلى ملعبه لتبدأ مرحلة التنقيب عن مرشّح جديد لرئاسة الجمهورية، يبدو أن «اللقاء الديموقراطي» فرمَل إندفاعة مبادرته على رغم يقين بقية القوى السياسية بأنّه لن يبقى في دائرة ترشيح رئيس حركة «الإستقلال» النائب ميشال معوّض.

 

ولم يؤدّ حراك الداخل والخارج خصوصاً بعد لقاء باريس إلى إحداث خرق مهمّ أو تبديل في التوازنات، واستقرّ المشهد وفق الآتي: «القوات اللبنانية» والقوى السيادية وبعض النواب المستقلّين والتغييريين متمسكون بترشيح معوّض، «الثنائي الشيعي» وبعض الحلفاء يؤيدون وصول رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية، في حين لا يزال رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل في موقع المعارض لوصول فرنجية من دون إعلان ترشّحه شخصياً للإنتخابات أو تبنّيه أي مرشّح علني آخر.

 

وواجه طرح جنبلاط بالإنتقال إلى الموقع الوسطي والإنسحاب من ترشيح معوّض معارضة شديدة من القوى السيادية وعلى رأسها «القوات اللبنانية». وبحسب المعلومات، فقد تكثّفت المشاورات بين المعارضة في آخر 10 أيام وتمّت مناقشة كل الخيارات وعما اذا كان هناك من فائدة للإنتقال إلى ترشيح آخر؟

 

وكان هناك شبه إجماع على عدم جدوى هذه الخطوة، فمن ناحية المواقف يحافظ معوّض على سقف خطاب سياسي واضح تجاه سلاح «حزب الله» والأزمة السياسية في البلد، وبالتالي التبديل من أجل التبديل وبلا أفق لن يوصل إلى مكان. أمّا النقطة الثانية، فهي استحالة جمع 65 صوتاً لأي مرشح آخر في ظلّ التشرذم الواضح في صفوف المعارضة، واعتماد بعض النواب التغييريين مبدأ «خالف تُعرف».

 

ومن جهة أخرى، فأي مرشح يحمل خطاب معوّض ولا يتنازل عن المواقف السيادية لن يقبل به الطرف الآخر، ومن هنا يبرز تمسّك القوى السيادية بتبني أي مرشح للرئاسة خطاباً سيادياً واضحاً وإلا سيكون شبيهاً لمرشّحي 8 آذار.

 

وتؤكّد القوى السيادية من «قوات» و»كتائب» وحركة «الإستقلال» ونواب سنّة أنّ المعركة سياسية بامتياز، وخفض السقف يعني تقديم مزيد من التنازلات لمحور «الممانعة» الذي يحكم البلد وأوصل الوضع إلى جهنم حقيقي، والتجارب علّمت أن أي تنازل أو إظهار أي تراخٍ أمام هذا المحور سيجعله يتمسّك أكثر بشروطه ويطالب بانتخاب رئيس من صميمه، وهذه الهدية لن تقدّمها القوى السيادية. لا تعتبر هذه القوى أنّ الوقت قد حان للذهاب إلى مرشّح وسطي، فبمجرّد القبول بمثل هكذا مرشّح حالياً يعني التراجع خطوة إلى الوراء، بينما لا تقفل هذه القوى الباب أمام تبني مرشّح مقبول من الجميع شرط أن لا يكون على صورة مرشّحي 8 آذار، بل عليه حمل مشروع سيادي وإصلاحي واضح المعالم ولا يكون ألعوبة في يد محور «الممانعة».

 

يُعطي الخلاف الدائر بين باسيل و»حزب الله» فرصة لقوى المعارضة من أجل «شدشدة» الصفوف، لكن حتى اللحظة لا يزال التقارب صعباً، بل بات الحديث عن توحّد هذه القوى حديثاً فولكلورياً، في حين نجح الضغط على جنبلاط في إقناعه بأنّ «وقت التسوية لم يحن بعد ولن ننجرّ إلى لعبة التسويات والتنازلات».

 

ولا يختلف مَيل جنبلاط إلى التسوية عن مَيل قدامى «المستقبل» الذين باتوا يدورون في فلك رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، لكن هؤلاء لم يركبوا جميعاً موجة دعم ترشيح معوّض عكس جنبلاط الذي كان داعماً له منذ البداية، وتراهن المعارضة السيادية على عدم ذهاب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي باكراً إلى التسوية، بل تتأمل منه «شدّ ركابه» والإنتظار ربما ينجحون بإيصال رئيس سيادي.

 

ومثّلت العريضة النيابية التي وقّعها 46 نائباً معارضاً إختباراً جدّياً لهذه القوى، وظهّرت إمتلاكها الثلث المعطّل في الإنتخابات الرئاسية حتى بدون «اللقاء الديموقراطي»، وهذا الأمر يُحسّن من شروط التفاوض، ما يجعلها قادرة على انتخاب رئيس مقبول بالحدّ الأدنى لأنّ التسويات مع «حزب الله» وفق شروطه، ممنوعة في قاموس القوى السيادية.