Site icon IMLebanon

مفارقات المخارج الشكلية لإنهاء الشغور الرئاسي

 

لا تيأس اللجنة الخماسية من مواصلة تحركها لأجل إنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان، على رغم «التعب» الدولي من أزمة لبنان.

 

كلما أشاحت الدول الكبرى المتابعة للشأن اللبناني بنظرها عن لبنان جراء السأم من عجز اللبنانيين عن انتخاب رئيس، وكلما أثبتت الخلافات اللبنانية للدول العربية التي لها دور تاريخي فيه أنه منذور للخلافات بين مكوناته وأنه بلد ميؤوس منه لأنه خاضع للهيمنة الإيرانية، تعود للاستنفار بحثاً عن مخرج من أزمته، بسبب المخاطر المتزايدة على استقراره وعلى جنوبه. الخوف من امتداد شراسة الحرب الإسرائيلية على غزة يزيد من عوامل اليقظة الخارجية حيال لبنان. فليس من مصلحة أي من الدول الخمس تحطيم لبنان وتعقيد المواجهة الإقليمية التي تتوالد فصولها منذ «طوفان الأقصى».

 

على رغم أنّ الحرب في الجنوب ما زالت مضبوطة وتتصرف إسرائيل وإيران بحسابات دقيقة في تبادل الضربات، التي يحصد خسائرها الجنوبيون خصوصاً واللبنانيون عموماً، فإنّ مخاطر تحولها إلى حرب واسعة تشكل في كل مرة حافزاً لدول الخماسية كي تنشِّط تحركها من أجل ملء الفراغ الرئاسي. فثمة قناعة عند بعض دولها بأن مواصلة تحريك الملف الرئاسي، يساعد على إقناع إسرائيل بتجنب شن الحرب الواسعة على «الحزب» ولبنان، بحجة أنّ انتخاب الرئيس يطلق دينامية داخلية جديدة في المؤسسات الدستورية، لترتيب أوضاع الجنوب وتطبيق القرار الدولي الرقم 1701 بشكل يغني عن أي عملية عسكرية. بهذا المعنى يبدو أن لاستئناف تحريك الملف الرئاسي وظيفة مزدوجة:

 

– الإبقاء على حديث الخيارات الرئاسية ناشطاً لعله يأتي ظرف إقليمي يتيح إحداث خرق في الجمود.

 

– يساعد على تعبئة الوقت بالمداولات بموازاة الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة وفرنسا من أجل الحؤول دون أي تدهور غير محسوب بين إسرائيل و»حزب الله».

 

إنه نوع من الإدارة الدولية العربية لشؤون البلد وأزمته. إدارة قائمة منذ انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، إلى أن يحين التوقيت المناسب لمعالجة الأزمة السياسية الداخلية وأزمة الحرب الدائرة جنوباً.

 

لهذه الأسباب يطلق بعض سفراء الخماسية موجات من التفاؤل بين الحين والآخر، يواكبهم بالتوقعات الإيجابية رئيس البرلمان نبيه بري من الداخل. هذا على رغم أن المداولات التي جرت يوم الجمعة الماضي في باريس بين الجانبين اللبناني والفرنسي خلصت، بعد عرض مواقف الفرقاء، إلى قناعة بأن انتخاب رئيس للجمهورية يحتاج إلى «أعجوبة».

 

موجات التفاؤل مبنية على التقارب في تدوير الزوايا في مسائل شكلية متصلة بالانسداد السياسي القائم في البلد.

 

مع ذلك فإن موجة الآمال الأخيرة التي يطلقها بعض سفراء الخماسية لا تخلو من المفارقات:

 

1- أن بعض الأوساط لمس من الجانب الفرنسي بأنه لم يغادر كلياً احتمال دعوة بعض الفرقاء اللبنانيين إلى انتخاب مرشح الثنائي الشيعي رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية. فمثل الدبلوماسية الإيرانية التي تسأل بعض الفرقاء المحليين بالخفاء عن حظوظ فرنجية، يفعل بعض المسؤولين الفرنسيين من باب الاستئناس بآراء بعض السياسيين اللبنانيين. يدفع ذلك أوساط «الثنائي الشيعي» إلى الاستنتاج بأنّ «الفريق الآخر» لم يستطع الاتفاق على بديل، والدول المعنية لم تلحظ أي تفاهم بين معارضي فرنجية على الإسم البديل. لكن سرعان ما يأتي الجواب بأن إصرار «حزب الله» على فرنجية ومراهنته على أن يوافق عليه بعض الفرقاء الذين يعارضونه في تسوية تشمل كيفية تبريد جبهة الجنوب. سرعان ما يأتي الجواب على سبر أغوار الفرقاء بأن العقدة تبقى رفض أي من الفريقين المسيحيين الأساسيين تبديل موقفهما.

 

2- أن إشاعة الثنائي الشيعي وبعض القوى الأخرى الانطباع بأن العقدة تكمن في استمرار الخلافات المسيحية على الرئاسة، وأنه لو يتفق المسيحيون على مرشح رئاسي لخرج الاستحقاق من عنق الزجاجة. لكن سرعان ما يأتي الجواب بأنه إذا اتفق المسيحيون على إسم للرئاسة ولم يقبل به «الثنائي الشيعي» ستتعمق المشكلة ومعها الخلاف الشيعي المسيحي. وبالتالي تبقى العقدة في موقف «الحزب». وهذا أمر خلصت إليه مداولات باريس أيضاً.

 

3- أن تقدّم مداولات الخماسية مع الرئيس بري حول مبدأ الحوار (أو التشاور) الذي يسبق جلسات الانتخاب ترك أمر انعقاده بيد بري ليترأسه. أما الاتفاق على إطار زمني لهذه العملية فأبقى على مهلة الأيام السبعة كحد اقصى كما سبق لبري أن اقترح، وأضيف إليها أمس مخرج لمطالبة المعارضة بجلسة مفتوحة بدورات متتالية، أن يتخلل كل جلسة 4 أو خمس دورات انتخابية، فإذا تعذر انتخاب الرئيس تقفل الجلسة لمدة 48 ساعة من أجل إتاحة التشاور لعل فريقاً يقنع الآخر بمرشحه لتنعقد بعدها الجلسة التالية بعدة دورات. وهكذا دواليك إلى أن يظهر الدخان الأبيض… لكن للمعارضة تحفظاتها على تجزئة الجلسات.