خلافا للتقدم الحاصل في الملف الرئاسي، عقم للحلول على الحدود الجنوبية، التي تسير يوما بعد يوم نحو مزيد من الافلات من ضوابطها، حيث بات واضحا ان بقاء رئيس وزراء العدو بنيامين نتانياهو في السلطة، سيكون على حساب التسويات في لبنان بكل انواعها، وهو ما تسعى الاتصالات الدولية الى تفكيك خيوطه وفصل مساراته بين بيروت وغزة وصولا الى “تل ابيب”.
وفيما اتخذ الاستنفار المحلي- الدولي لمعالجة الوضع على الحدود اللبنانية الجنوبية الى جانب أزمة النازحين السوريين المتفاقمة، بعدما باتت تهدد “الكيان” برمته، بقي ملف الاستحقاق الرئاسي متقدماً تعمل على خطه لجنة سفراء مجموعة “الخماسية”، بمؤازرة اميركية واضحة وحاسمة، عبّر عنها الاجتماع الذي عقد في عوكر وما صدر عنه من خارطة طريق لاول مرة، رغم ان ما يسرب من اجواء عن لقاءات الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين بمسؤولين لبنانيين، لا يبشر باي خير في المدى المنظور، بعدما سُرّب عن اكتمال الاستعدادات لحرب قد تدوم لسنتين.
ينطلق اصحاب تلك النظرية من ان ما يجري تحت الطاولة غير كل المعلن من مواقف فوقها، بما فيها تلك الصادرة عن رئيس مجلس النواب، التي اوحت كأن الانتخابات الرئاسية باتت قبا قوسين او ادنى، على ما تشير مصادر واسعة الاطلاع، والتي تؤكد بان ملف رئاسة الجمهورية بات اساسيا لواشنطن، بعدما سلمت بخيار الذهاب الى “المرشح الثالث” كحد ادنى مع ضمانات معينة، ما يعني عمليا عودة الاهمية لموعد الانتخاب، طالما ان تغيير التوازنات بات خارج اللعبة عمليا. وهنا تكشف مصادر ديبلوماسية ان وزراء خارجية “اللجنة الخماسية” سيجتمعون فور الاعلان عن موعد بدء جلسات التشاور، التي ستواكبها “الخماسية” عن كثب، حيث ستكون جاهزة للتدخل لحل أي عقبات.
من هنا تضيف المصادر ان اصحاب وجهة النظر تلك يذهبون الى تحديد موعد شهري ايار وحزيران كتاريخ مفصلي لملء الشغور في بعبدا، بعد انجاز الاخراج المصري الذي يعمل عليه، بموافقة وتأييد اميركي ، وتمهيد من ثنائية “الخماسية” الديبلوماسية وتكتل “الاعتدال الوطني”، الذي نجح في “فرض” اقرار جميع الاطراف السياسية على التسليم بالامر الواقع القائم، وعلى فصل الارتباط بين الملف الداخلي وحرب غزة، نتيجة الضغوط الخارجية وفشل كل عمليات المقايضة.
وتابعت المصادر ان واشنطن باتت اكثر انفتاحا على الوضع اللبناني، حيث قدمت اكثر من اقتراح عبر وسطاء واطراف ثالثة عربية وغربية، مشيرة الى ان الامور تسير في مسارها الصحيح على هذا الصعيد، حتى ان ثمة من يتحدث عن طرح لائحة تضمنت اسماء لرئاسة الحكومة العتيدة، انتهت مرحلة تصفياتها النصفية الى اسمين ، لا مانع ان ترتاح لهما حارة حريك وتذكيهما عين التينة.
عليه، تجزم المصادر بان انجاز الحل الرئاسي سيكون حكما قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية، وقد ابلغ المعنيون بذلك. فيما يبقى التساؤل الكبير واللغز المحيط بتلك العملية، والمتمثل بعودة عين التينة كمدورة للزوايا بارادة “خماسية”، هل ما يحصل من دوران لـ “الخماسية” حول “ابو مصطفى” والكتل النيابية، هو استباق للتسوية الكبرى في المنطقة؟