يستغرب سفير دولة كبرى اصرار قوى المعارضة في لبنان، وعلى رأسها حزب “القوات اللبنانية”، رفض مبدأ الحوار بما يتعلق بالأزمة الرئاسية اللبنانية. فهو وان كان يتفهم المبرر الذي تقدمه معراب لجهة وجوب عدم تكريس معادلات جديدة لا تمت للدستور اللبناني بصلة، الا انه لا يستوعب ان تجاري هذه القوى، التي يفترض انها صاحبة مصلحة اساسية بانتخاب رئيس،بممارسة التعطيل او اقله ليست مستعجلة لانجازه قريبا.
فمنذ نحو أسبوع تنكب “اللجنة الخماسية” الدولية المعنية بالشأن اللبناني على محاولة صياغة مخارج، تسمح بالانتقال الى مرحلة جديدة من مبادرة تكتل “الاعتدال الوطني”، الا وهي مرحلة التشاور التي تسبق الدعوة لجلسة انتخاب تتعهد كل القوى عدم تطيير نصابها، لكنها تجد نفسها تدور في حلقة مفرغة، وان كانت قد أعدت صيغا اعتبرتها خلاقة، لكن الخشية من رفضها تتفاقم.
وبحسب آخر المعلومات، فان “الخماسية” تفكر جديا بأن يكون تكتل “الاعتدال” هو الذي يوجه الدعوات ليوم تشاوري في أروقة البرلمان، ارضاء للمعارضة التي تصر الا تكون هناك دعوة رسمية، وبخاصة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وتطرح “الخماسية” لارضاء بري ان يلقي كلمة افتتاحية للنهار التشاوري يليها كلمة لها ولـ “الاعتدال”، قبل ان ينصرف ممثلو الكتل لحوارات ثنائية وثلاثية ، للتفاهم على اسم مرشح رئاسي او اكثر، فيتم بعد ذلك الدعوة لجلسة انتخاب بدورات متتالية.
لكن مصادر “القوات” لا تبدو متحمسة كثيرا لهذا السيناريو، وهي تضعه في خانة “المراوغة”، مشددة على ان موقفها مبدئي برفض الحوار الذي يسبق جلسة الانتخاب. وتضيف:” اذا ارادوا ذلك فليطرحوا بعد انتخاب رئيس تعديل الدستور، فيصبح الحوار ممرا الزاميا للانتخاب. اما اليوم فالدستور واضح ونحن متمسكون بتطبيقه، بمقابل فريق يصرعلى خرقه وفرض اعراف جديدة، لا تسري لا عند تعيين رئيس للحكومة او عند تعيين رئيس للبرلمان”.
بالمقابل، تستهجن مصادر “الثنائي الشيعي” اصرار معراب على احباط اي مبادرة لاخراج الملف الرئاسي من عنق الزجاجة، معتبرة ان “اللجنة الخماسية” تبنت طرح بري اجراء حوار ومشاورات تسبق جلسة الانتخاب، فيما “القوات” تصر على موقفها الذي يبدو تعطيليا اكثر منه مبدئيا. وتضيف المصادر “في كل دول العالم وعند وقوع ازمة، يتم اللجوء للحوار والتلاقي لايجاد قواسم مشتركة بمحاولة للخروج منها”، وسألت المصادر “الم يشاركوا في مؤتمر الدوحة عام 2008؟ الن يشاركوا في مؤتمر مماثل في حال تمت الدعوة اليه؟ لماذا الكنيسة القريبة لا تشفي”؟
وتعتبر المصادر ان حزب “القوات” بات “يتعاطى بكيدية بهذا الملف، ويظن انه يستطيع ان يكسر “الثنائي الشيعي”من خلال اشتراطه تخليه عن مرشحة سليمان فرنجية”، متسائلة “اية ديموقراطية هذه يتغنون بها، وهم يحاولون اجبار فريق سياسي وازن على التخلي عن مرشحه؟! الا يعتبرون ان فرنجية لا يمتلك الأصوات اللازمة ليفوز؟ فلماذا يشترطون التخلي عنه قبل الذهاب الى جلسة انتخاب”؟!
وتتركز حاليا الجهود التي تبذلها اللجنة الدولية على معراب وعين التينة، بحيث ان الخلاف الاساسي راهنا يتركز هناك، كون “التيار الوطني الحر”و”التقدمي الاشتراكي” يبدوان متجاوبين مع اي طرح يحرك المياه الرئاسية الراكدة، فيما موقف حزب “الكتائب” واضح برفض الحوار والتشاور باي صيغ مماثلة. وطالما حزب الله اوكل بري النقاش بالملف الرئاسي حاليا مع المعنيين، بذلك يكون هو ورئيس “القوات”سمير جعجع اللاعبين الاساسين على الحلبة راهنا.
وبحسب المعلومات، فان “الخماسية”لم تيأس بعد من نجاحها بتدوير الزوايا، وتعتبر ان المحاولة التي تقوم بها اليوم ستكون مفصلية، بحيث اذا تم افشالها ايضا فذلك سيستوجب جلوس السفراء الـ5 معا من جديد للتفكير مليا بتجميد مساعيهم ومبادرتهم.