Site icon IMLebanon

 الرئاسة مدوَّلَة فمَن يوطِّنها ومتى؟

 

 

من أظرف ما تناهى الى مسمعي، قبل يومين، ما قاله أحد السياسيين في مقابلة تلفزيونية وهو يعترض على ما وصفه بأنه «تدخل الخارج» في الشأن اللبناني الداخلي في البيان المشترك، الفرنسي – الأميركي، الذي تناول لبنان في إحدى فقراته. والأكثر ظرفاً أن المتحدّث إياه نسي أو تناسى قوله، بعد دقائق معدودة، عندما ورد على لسانه حرفياً: لنكن واقعيين ما من حلّ للعقدة الرئاسية إلّا بتوافق بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية؟!.

 

هذا انموذج صارخ عن الانفصام في الشخصية السياسية اللبنانية ليس على مستوى الأشخاص وحسب بل أيضاً على المستوى الوطني العام. ولقد أذهب الى أبعد لأقول: لاسيما على مستوى النظام، بما فيه الدستور (دستور الطائف)، والأمثلة أكثر من أن تُحصى. وعلى سبيل المثال لا الحصر، أكدت التعديلات الدستورية، بموجب الطائف، على أن رئيس الجمهورية هو الرئيس الأعلى للقوات المسلحة ولكن لا صلاحية تنفيذية له في هذا الشأن. وكذلك رئيس الجمهورية يترأس مجلس الوزراء ولكن لا يحق له التصويت الخ… وهذا أمر معروف وتداعياته معروفة.

 

وعلى سيرة ما تحفل به «سوق الحكي»، في هذا الوطن المأزوم، رأيان متناقضان يُجرى تداولهما على نطاق واسع في هذه المرحلة: أوّلهما يقول «لو اجتمع العالم كله فلن يستطيع أن يفرض على الثنائي الشيعي أن يسهّل انتخاب رئيس للجمهورية غير مرشّحه المعروف». والرأي الثاني في مكان آخر مختلف كلياً، اذ يقول «ما إن تصل التعليمة من الخارج حتى يهرول النواب الى مجلسهم مثل الشطار ويتم ما هو مكتوب على الغمّيضة»!

 

وهذا الحكي كلّه لا يغني ولا يسمن، وبالتأكيد لا يوصل نزيلاً الى قصر بعبدا.

 

ولعل الاقتراح الذي نرى إليه على أنه على قدرٍ من الشأن والأهمية هو الذي يقول بحتمية تمديد إقامة (وليس عهد) رئيس الجمهورية في سدة الرئاسة ريثما يتم انتخاب الرئيس الجديد. وفي تقديرنا أن مثل هذا التدبير من شأنه أن يسرّع الاستحقاق الرئاسي ليس في أواخر مهلة الشهرين قبل انتهاء ولاية العهد الرئاسي، بل ربما في أوائلها.

 

وأمّا عن توطين الاستحقاق الرئاسي بدلاً من تدويله، فهذا أمر جليل جدّاً، ولكن يستحيل الوصول اليه مع طبقة سياسية فاسدة ومرتَهَنة للخارج، وبالطبع لأنانياتها ومصالحها… أمّا الوطن فـ «على دَينتها».