في دوامة البحث عن مساحة مشتركة تلتقي فيها كل الكتل النيابية او غالبيتها للاتفاق على مرشح رئاسي او اكثر، في ظل غياب الثقة والمطالبات المتبادلة بضمانات، حيث محاولات للبعض في الايام الماضية للعب على وتر تناقضاتٍ افترَضَ وجودَها بين اطراف المعارضة، وفي لحظة يخيم فيها المشهد الضبابي على المنطقة، حيث يشتري الافرقاء الاقليميون والدوليون الوقت، بدا جليا ان لا رغبة للمعارضة بالذهاب الى الطاولة ، وان اختلفت طريقة “التعبير” عن رفضها، بعدما سقطت امكانية اخذها “بالمفرق”.
وسط هذا المشهد تدور اسئلة كثيرة حول دور خماسية باريس حاليا، وموقف بعض اطرافها من المبادرات الداخلية، التي بات واضحا انها وان التقت في الشكل غير انها متناقضة في المضمون والنتيجة والاهداف، في ظل غياب لافت لاطراف لطالما لعبت ادوارا مفصلية في الحياة السياسية اللبنانية، ومنها الرياض.
مصادر دبلوماسية مواكبة للاتصالات والمبادرات كشفت ان المملكة العربية السعودية تلعب دورا “بناء” على صعيد الملف الرئاسي والمبادرات المطروحة، خاصة المحلية منها، اذ سجل اكثر من مرة تواصل بين السفير السعودي وليد البخاري وكتلة اللقاء الديمقراطي، حيث قدم اكثر من طرح ومجموعة من الافكار بهدف تدوير بعض الزوايا، مستدركة بان ذلك لا يعني ان الرياض عادت الى لبنان كما في الفترات السابقة، انما من ضمن التزامها داخل الخماسية الباريسية، رغم “العتب” على بعض افرقائها الذين اخلوا بالاتفاقات.
وتابعت المصادر بان القيادة السعودية ابلغت اكثر من مرة العواصم المعنية، من واشنطن الى باريس، انها غير راغبة بالانخراط اكثر في الوقت الراهن في الملف اللبناني، على الصعيدين السياسي والاقتصادي، اقله الى حين اجراء الاصلاحات اللازمة ووقف الفساد المستشري، من هنا ابتعادها عن الساحة السياسية، وحصر نشاطها في حدوده الضيقة.
ورات المصادر ان موقف الرياض اليوم “بنصف تدخل” في لبنان يعود لمجموعة اسباب اهمها:
– يعتبر لبنان اساسيا في رؤية ولي العهد الامير محمد بن سلمان الاقتصادية المعروفة بخطة “2030”، حيث تلعب بيروت دورا مهما بوصفها الواجهة البحرية الوحيدة للرياض على المتوسط وما خلفه، اي اوروبا، لما لدور استراتيجي للبحر المتوسط على الصعيد العالمي، لجهته موقعه في “وسط العالم”.
-القلق الذي يسببه موضوع المخدرات على انواعها، والذي تشكل خطرا كبيرا على الامن الاجتماعي والقومي السعودي، خصوصا ان ثمة جهات منظمة تقف خلف هذا الامر، بهدف ضرب الدولة والنظام، بعدما تحول لبنان الى اهم المصدرين في هذا المجال. وقد ادت عودة الحياة الى الاتفاق السعودي – السوري بعد تجميده لفترة، وتعيين سفير للرياض في دمشق، في حلحلة هذا الامر.
-الخوف من عودة النزعة المتطرفة الى الشارع السني، ونجاح بعض القوى الاقليمية في احتواء هذه الظاهرة وتنميتها، بعد حرب “طوفان الاقصى”، والتي بدات تتبلور في الشارع السني الشمالي والبقاعي تحديدا، كل ذلك في ظل غياب المرجعية السنية القادرة على وقف هذا المد، وان كان للمشايخ ولدار الفتوى دورا اساسيا.
تحت هذا العنوان تقرا المصادر قبة الباط السعودية لعودة رئيس الحكومة السابق الشيخ سعد الحريري الى بيروت، لاعادة لملمة البيت السني، الذي يفتقد الى وجود قيادة حاليا، وهو ما يفسر غيابه عن لعبة رئاسة الجمهورية.
واعتبرت المصادر ان عودة الجمهوريين الى البيت الابيض، سيغير حتما من طبيعة سلوك المملكة في المنطقة بشكل عام، ولبنان خصوصا، علما ان العلاقات السعودية – الاميركية مرت باسوا حالاتها منذ تولي الرئيس بايدن الرئاسة، وذهابه الى المفاوضات مع الجمهورية الاسلامية الايرانية.