لم يعد الحديث عن تقاطع مسيحي جديد لمرشح ما لرئاسة الجمهورية مقنعا لا بل من الأجدى الحديث الآن عن تبدل التوجهات حتى وإن قال بعض الأفرقاء المسيحيين أو بالأحرى القوتان المسيحيتان الأكبر تمثيلا انهما لا يزالان على دعمهما الوزير السابق جهاد ازعور. فما كان صالحا في تلك الفترة، قد لا يصلح اليوم في عز الاشتباك الحاصل بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، حتى عندما أطلق رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل حراكه الرئاسي، لم تجد القوات أي منفعة في التجاوب معه، خصوصا أن باسيل في نظر كبار قياديِّيها شخصية متقلبة، والتقاطع الذي تم لا يعني تقاربا أو مصالحة. قالها النائب باسيل لا لربط الجهات بالنسبة إلى حرب غزة، انما ذلك ليس كفيلا لانجاز أي قاسم مشترك مع المعارضة.
تبدو الفرصة اليوم غير سانحة للاتفاق المسيحي- المسيحي على الملف الرئاسي، كما أن المستقبل القريب لا يبشر بذلك إلا إذا برزت تسوية تضع الجميع أمام خيارها الوحيد، والاشكالية تكمن في المبادىء والتوجهات المختلفة وتفاصيل لا تشكل محور تفاهم. وما أعلن مؤخرا من مواقف بلغت حد الاتهامات المتبادلة بين القوات والتيار قدَّم صورة واضحة عن تراجع في أي نقاش متوقع بينهما. هي الفكرة بنفسها لا يستسيغثها الفريقان اللذان لن يفكرا مجددا بأي التقاء، فلا الموقف من حزب الله ولا حتى من التموضع السياسي السابق او الحالي للتيار البرتقالي موضع اتفاق.
هل أن المعارضة تسلك المسار نفسه بالنسبة إلى الرأي من التيار؟.
هنا ترى مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن القوات تبدو أكثر تشددا في ما خص العلاقة مع التيار نظرا إلى ما ساد من سوابق فيها، كما أن قسما منها يعتبر أن باسيل يقول الشيء ونقيضه، يقول أنه لا يزال على ترشيحه للوزير السابق ازعور ومن ثم يتحدث عن أسماء يمكن الاختبار منها ومن ثم يختار الحراك الرئاسي وهو طرف أساسي في الممانعة لكنه لن يقبل برئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية كما أنه وضع فيتوات على أسماء عدة تعد وسطية، ويريد التدخل في عملية فرض الأسماء والا لكان أظهر ترجمة لجلسات الانتخاب متتالية بدل الحديث عن الشعارات، موضحة أن الأوراق التي يريد استخدامها باسيل ينتظر إشارات لها والأهم بالنسبة إليه تحصين موقعه وتصريحاته الأخيرة تعكس المثل الشعبي القائل: ضربة على الحافر وضربة على المسمار.
وترى هذه المصادر أن عودة التقاطع على رئيس للبلاد ولَّت إلى غير رجعة، فوجهة النظر من التشاور أو الحوار هي محور تباين، وهناك محاولة مبيَّتة لتمريره، ولذلك قام الخلاف مجددا بين الفريقين،وهناك خشية من أن يتم التحضير لمكيدة ما في سياق ما يُعرف بالحوار ، وهنا تبدو الخيارات أمام المواجهة مفتوحة، مشيرة إلى أن تضامن المعارضة وتنسيقها بالنسبة إلى موضوع رفض جر لبنان إلى الحرب أثبتا صوابيته وهو ينسحب على الملف الرئاسي، وأي كلام غير ذلك ليس في محله، وهناك خارطة طريق مستقبلية.
اما بالنسبة إلى التيار الوطني الحر ، فإن الخيار الرئاسي واضح وعبَّر عنه أكثر من مرة وهو مستعد لحضور جلسة الانتخاب، وعند الدعوة إليها يمكن الحكم والتيار ليس برقم، وهذا ما تؤكد عليه مصادر مقربة منه وتلفت إلى أن التعطيل ليس من شيمه، وتواصله مع رئيس مجلس النواب نبيه بري يُقرأ في سياق الحراك الرئاسي على ان تظهر النتائج لاحقا.
للمعارضة مقاربتها في الرئاسة وللمانعة أيضا والتيار الوطني الحر يقف في المنتصف كما يرى، وأمام تصلُّب المواقف لن تمر الرئاسة ولن تتحضَّر أرضية الخيار الرئاسي الثالث أو غيره من شخصية حيادية أو مستقلة، أما مساعي اللجنة الخماسية فتظل متواصلة إلى حين تقر بالعكس.